بريد الغربال: كفرنبل والشائعات – نازحة إلى كفرنبل
كفرنبل والشائعات
نازحة إلى كفرنبل
كفرنبل بلدة جميلة، وأهلها طيبون يتميزون بروح الدعابة وخفة الدم والثقافة العالية والجمال، إلا أنني منذ نزحت إليها لاحظت ميزة أخرى ربما تميز جميع ريف إدلب؛ ألا وهي سيطرة الإشاعة عليهم، وتداولها بشكل كبير وغريب وإطلاق أحكام على الناس والأوضاع على أساس الإشاعة دون أن يحاول أحد التأكد من صحتها أو كذبها.
فمن قائل: إن الطائرة ستضرب كفرنبل اليوم؛ فيبقى الجميع خائفين متحفزين، لا يفتح معظم السوق محلاته وتجد الطريق خالية تقريباً. ومن قائل: إن الجيش سيقتحم جبل الزاوية أو ربما الجيش صار على مشارف حاس؛ فيفكر الكثيرون بالسفر إلى تركيا أو ربما يغادرون فعلاً، ويكون الحذر والترقب سيد الموقف. أو فلان من الثوار ومن طلائع من وقف في وجه النظام أهدى ابنته يوم عرسها ذهباً بمليون ليرة أو نصف مليون ليرة على سبيل النقوط، أو اشترى سيارة بمبلغ كبير دون أي دليل أو شاهد على ذلك، إنما قيل عن قال، أو الثوار جميعهم لصوص والمجلس العسكري لا يعمل شيئاً والمعونات تسرق والتوزيع غير عادل… إلخ.
وعلى الرغم من جميع الأخطاء الموجودة فعلياً على الواقع؛ فإن الكلام السابق كله شائعات وتضخيم إعلامي هدفه زيادة إحباط الناس وإشعارهم أن الثورة فاشلة ولا سبيل للخلاص، أو بث روح الانهزام والتخاذل.
في حوار لي مع إحدى السيدات الفاضلات من كفرنبل قلت لها السرقة موجودة الآن وفي ظل النظام أيضاً مع وجود مخافر الشرطة والأمن بأنواعه المختلفة، أيام زمان كانت الدراجات النارية تسرق من أمام أصحابها والحقائب النسائية تسرق من أكتاف النساء، والسرقات من البلدية والمشاريع الحيوية والرشاوي والمحسوبيات، ولم يكن أحد يجرؤ على الانتقاد أو التذمر مما يحدث، وأنا هنا لست أدافع عن اللصوص أو المتسلقين أو الوصوليين الذين شوهوا صورة ثورتنا الرائعة العظيمة، والسرقة مذمومة ومرفوضة الآن وسابقاً وفي كل حين.
ولكن علينا ألاّ ننظر إلى النصف الفارغ من الكأس، وبرأيي أن يبدأ كل فردٍ بنفسه بالتغيير والإصلاح ومراقبة ذاته، فالثورة تعني التغيير والانقلاب على الواقع المعاش، حتى يتم إصلاح المجتمع وتغييره نحو الأفضل، ولا ينسى كل شخص منا مراقبة الله عز وجل أولاً وأخيراً، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتراحم بيننا.
التعليقات متوقفه