الانتهاكات اليومية، والهيئات الحقوقية: واقع كبير وتحديات أكبر – محمد فراس العلي
الانتهاكات اليومية, والهيئات الحقوقية
واقع كبير وتحديات أكبر
محمد فراس العلي
إن ما يحصل من انتهاكات في خضم أحداث الثورة السورية ضد المدنيين العزل قد ولد الكثير من الفوضى في المجالات الاجتماعية والمعيشية وحتى الاقتصادية، حتى خلقت هذه الانتهاكات التذمر لدى الغالبية بسبب تصرفات بعض التجمعات المسلحة المتمركزة في المدن المحررة والتي اتخذت في المعاملة أسلوباً وطابعاً قديماً قمعياً كان شبيهاً بالأسلوب الذي استخدمه نظام الأسد من قبل، مما ولّد الحاجة الملحّة لخلق أجهزة تقوم على الأقل بتوثيق الانتهاكات التي تحدث بحق المدنيين كي لا يضيع حق أحد، وبالفعل ما هي إلا فترة زمنية قصيرة حتى تشكلت الهيئات الحقوقية والإنسانية ضمن المدن المحررة لتأخذ دور الرادع الأول، وتواجه كل من يسيء معاملة العامة من المواطنين وينتهك حقوقهم.
وفي بادرة هي الأولى من نوعها على مستوى المناطق المحررة في سوريا، قام بعض الأطباء المتواجدين في مدينة منبج المحررة بالتنسيق والإعداد لمشروع دائرة الطبابة الشرعية، ومهمة المشروع الأساسية هي العمل على توثيق ما يحدث من انتهاكات من قبل عناصر الكتائب المسلحة التي لها تعامل مباشر مع المدنيين. ومن جهة أخرى توثيق حالات الجرائم الفردية والوفيات دورياً، بالإضافة إلى القيام بتزويد المنظمات الحقوقية والإنسانية الأخرى بوثائق مثبتة للانتهاكات الجسدية والإنسانية في حال حصولها.
الدكتور أزاد ولي، رئيس الطبابة الشرعية في منبج وريفها يحدثنا عن مبادئ وأهداف الدائرة فيقول: إن أهداف المشروع الحالية تتجلى في:
1- توثيق حالات الوفاة بحق المدنيين والعسكريين والأسباب المؤدية للوفاة حسب الحالات (قصف – حوادث فجائية – قتل) وذلك يفيد في إصدار شهادات الوفاة في المستقبل.
2- توثيق الانتهاكات (الجنائية – الجسدية – الإنسانية) بحق المواطنين فيما بينهم (مشاجرة – اغتصاب – حالات تعذيب) التي تجري من بعض القوى العسكرية، وذلك حفظاً لكرامة المواطن السوري، وتحلّ الدائرة محل السلطة التنفيذية وتقيم الدعاوي القضائية المستعجلة في حال لم يتم إنصاف التقارير المقدمة للقوى المختصة.
3- الحفاظ على مصداقية التقارير الطبية وتنظيم العلاقة الطبية القانونية بين الدوائر القانونية والأطباء.
4- منح تقارير طبية لكل من أصيب بعجز مؤقت أو دائم من جراء القصف أو التعذيب أو غير ذلك من الحوادث.
5- تقديم تقارير دورية ومنتظمة عن أعداد الوفيات والإصابات والانتهاكات الإنسانية للجهات الرسمية المحلية والعالمية والإعلام وذلك لتبيان الوضع الأمني والإنساني لمدينة منبج وما حولها من الريف.
6- إن رئيس الدائرة يتحمّل أي خطأ وارد في التقارير الطبية وتقع عليه المسؤولية القانونية والأخلاقية حيال ما يرد في التقارير.
7- تعتبر تقارير الدائرة ملزمة أمام الهيئات الشرعية والقضائية حيث أن الدائرة انبثقت من الهيئة الطبية المستقلة للأطباء في منبج.
ويتابع د.آزاد حديثه: لقد عملت منذ سبعة أشهر على إنشاء دائرة الطبابة، وأخذ مني ذلك الكثير من الوقت والجهد ولا بد من العمل الجدي لا سيما أن المشروع أخذ طابعاً رسمياً لدى الكثير من التجمعات المدنية والعسكرية، وبسؤالنا له عن اسم الداعم لعملهم أجاب: إن تكلفة الدائرة على نفقتي الخاصة، ولا أتسلّم أي دعم، وكنت قد نبّهت مسبقاً الأطباء الذين يعملون فيها بوجوب عدم استلام أي دعم مالي باسم دائرة الطبابة، وقد قدمت إليّ الكثير من العروض والإغراءات وحتى التهديدات التي قد وصلتني طالبة مني التغيير في فحوى بعض التقارير، وأشار أيضاً أن جميع الخدمات التي تقدمها الدائرة مجانية للمواطنين، بما يليق بهم كسوريين مع الحفاظ على أجور الأطباء الذين قد ترسل لهم بعض الحالات النوعية لكتابة تقاريرهم حسب اختصاصهم (نسائية – عصيبة – عينية…الخ).
ويضيف د.آزاد: هذه الصورة هي لرجل مدني قد تعرض للضرب المبرح من إحدى الكتائب، واجتمع عليه حوالي 20 مسلحاً، حتى أن أحد عناصر الكتيبة قال: شعبنا هيك بدو وما يفهم إلا ….
ويتابع قائلاً: إن سوريا اليوم قد وصلت إلى مرحلة مقلقة جداً، حيث أنه يومياً هنالك رقم جديد من الشهداء الأبرياء الذين يلقون حتفهم نتيجة القصف والعنف والتعذيب من قبل النظام، فاليوم كل ثلاث ساعات تقتل امرأة وكل ساعتين يقتل طفل وكل ساعة يقتل ست سوريين من قبل نظام الأسد بمعدل وسطي 135 قتيل باليوم، وأعتقد أن هذه الجرائم كانت الداعي الأكبر لقيامنا بإنشاء دائرة الطبابة.
وعن هيئة الطبابة الشرعية في محافظة حلب، حدّثنا الدكتور أبو جعفر المسؤول عنها قائلاً: المركز مستقل منذ مجزرة النهر، وقد قمت بالتوثيق مع محامي حلب الأحرار، ونعمل حالياً مع الجميع وبدون دعم من أحد، وقد طرحنا فكرة تغطية نشاطنا مادياً على مجلس محافظة حلب الحرة، وفي بداية الأمر تبنى ذلك المكتب الصحي التابع للمجلس وقدم بعض الصيانة للطبابة ثم توقف بحجة أنه لا يوجد دعم مادي كافٍ.
وعن الأنشطة التي مارستها الطبابة منذ تأسيسها يقول الدكتور أبو جعفر: كشفنا على 120 جثة من مجزرة النهر، وهناك العديد من جرائم القتل والقنص التي تنفذها الخلايا النائمة والمتورطة مع النظام التي تعاملنا معها.
التعليقات متوقفه