أبو حاتم سيد العارفين..! – رامي سويد
أبو حاتم سيد العارفين..!
رامي سويد
بعد أن تم التشاور سرّاً، قرّر معظم عناصر كتيبة الصواريخ في الغنطو بريف حمص الانشقاق جماعياً، ليلة الأحد هي ساعة الصفر. أتّفق المجنّدون على أن تخرج المجموعات بالتتالي، كل مجموعة تخرج بتشكيلها العسكري نفسه، بعد أن تواصل العناصر “الحماصنة” مع الثوار في المنطقة، واتفقوا معهم على تأمين المنشقين وإيصالهم إلى أهاليهم.
لم يعطِ الثوار أهمية للموضوع، ولم يصدقوا أن عشرات المجندين سيأتون إليهم بعتادهم الكامل، أعتبر “أبو ياسر” قائد إحدى مجموعات الثوار، أن خمسة أو عشرة عساكر سيقومون بالانشقاق على أكثر تقدير.
خرج بمجموعته، باتجاه غابة الصنوبر المجاورة للكتيبة، وجهز سيارتين “بيك أب” لنقل المنشقين إلى الغنطو. الساعة الثانية بعد منتصف الليل، النسمات الصيفية الباردة تداعب الوجوه، والشباب “الثوار” يجهّزون أنفسهم للحصول على كميات من الرشاشات الفردية، فالعادة جرت على أن يسلّم المجنّد المنشق “بارودته” لكتيبة الثوار التي أمّنت انشقاقه مقابل أن توصله هذه الكتيبة إلى أهله آمنا سالماً..!
بعد ساعة من الانتظار، تصل أولى المجموعات من العساكر المنشقين، يسلمون على الثوار، يقول قائدهم: (وين أبو ياسر)، يجيبه أحد الثوار: (شو كلمة السر)، يجيبه العسكري: (أحفاد ابن الوليد)، يقول: (أنا أبو ياسر، عليك الأمان، وصلت، كم واحد معك؟)، يقول: (معي 8، نحنا أول مجموعة، في ست مجموعات رح تطلع بعدنا…!).
بعد عشر دقائق تصل المجموعة الثانية وبعدها الثالثة وبعدها الرابعة وبعدها الخامسة والسادسة، لقد بلغ عدد العناصر المنشقين أكثر من ستين عسكرياً، بينهم ملازم وخمسة مساعدين، وعدد من الرقباء والعرفاء، يقول أبو ياسر: (ما عنا سيارات تنقلكن كلكم، رح أحكي مع شباب من الحولة والتلبيسة يجيبوا سيارات ويجوا. وبعد نصف ساعة ينتشر الخبر بين ثوار المنطقة.
تجتمع كتائب الثوار في غابة الصنوبر مع العساكر المنشقين، ويبدأ التعارف، مع تبادل السجائر، يقول أحد المساعدين المنشقين لاثنين من قادة الكتائب: (يا شباب الكتيبة مليانة سلاح، وما ضل فيها شي عشرين واحد، أنا برأيي نروح نعتقلهن، وناخد السلاح، شو رأيكن؟)، يجيبان بالموافقة. يركب الجميع باتجاه كتيبة الصواريخ، يتسلّلون من الأسلاك الشائكة التي تشكل سورها الغربي، مئتا شاب مسلح، يقتحمون كتيبة بقي فيها زهاء عشرين مجنداً وضابطاً، يداهمونهم في المهاجع وغرف المنامة الخاصة بالضباط، يعتقلونهم جميعاً بدون إطلاق رصاصة واحدة!
تبدأ الخلافات بين كتائب الثوار على اقتسام البنادق والمسدسات الحربية الخاصة بالمنشقين والمأسورين، يحصل اشتباك بين مجموعتين من الثوار، يُقتل واحد من الأولى واثنان من الثانية، في الوقت الذي يذهب عن بال الطرفين أن الكتيبة تحوي على مستودعات مليئة بالصواريخ المضادة للطيران، وذخيرة الرشاشات الثقيلة، بالإضافة إلى ستة مدافع مضادة للطيران عيار “23” ملم.
أبو حاتم الضحيك، قائد محموعة تابعة لكتائب الفاروق، يتصل بأقاربه بالتلبيسة، يخبرهم بضرورة إحضار كل سيارات الشحن في البلدة فوراً، وإحضار كل الحمالين الموجودين وجلبهم من بيوتهم فوراً، وخلال نصف ساعة تجتمع قرابة عشرة سيارات “إنتر كولر” وحوالي 25 سيارة شحن صغيرة نوع كيا وهوندا، تُفتح المستودعات، ويبدأ تحميل الصناديق، دون النظر إلى ما تحويه من ذخيرة طلقات رشاشات روسية، وذخيرة رشاشات “بيه كيه سيه”، وذخيرة رشاشات متوسطة “12.7” و “14.5”، وذخيرة مدفع مضاد للطيران عيار “23”، وكمية من البنادق والمسدسات الحربية الجديدة.
في الوقت نفسه، ما زال الخلاف مستمراً بين مجموعتي الثوار حول ملكية البنادق والمسدسات الخاصة بالمن
شقي
ن، والحصيلة ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى.
في اليوم التالي تأتي قوة كبيرة لقوات النظام تدخل الكتيبة الخالية، تحمل ما تبقى من سلاح وعتاد وتعود أدراجها.
أبو حاتم الضحيك، أنشق عن كتائب الفاروق فيما بعد وشكّل لواء الإيمان بالذخيرة والسلاح اللذين حصل عليهما من كتيبة الغنظو، وما زالت المجموعتان تتشارعان إلى اليوم حول ملكية بعض البنادق..!
حصل في ريف حمص الشمالي 11/6/2012.
التعليقات متوقفه