Feed Back – عبد الباقي زيدان
Feed Back
عبد الباقي زيدان
من وصية عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص بعد تأميره على حرب العراق:
بسم الله الرحمن الرحيم
(أما بعد، يا سعد يا ابن أم سعد لا يغرنّك من الله أن يقال: خال رسول الله وصاحب رسول الله، فإن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ولكنه يمحو السيئ بالحسن, فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال, فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو, وأقوى المكيدة في الحرب, وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراساً منكم من عدوكم, فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم, وإنما يُنصَر المسلمون بمعصية عدوهم لله, ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة, لأن عددنا ليس كعددهم وعدتنا ليست كعدتهم, فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة, وإن لا نُنْصَر عليهم بفضلنا, لم نغلبهم بقوتنا.
فاعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله فاستحيوا منهم, ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله. ولا تقولوا إن عدونا شرٌ منا, فلن يسلَّط علينا, فرب قوم سلِّط عيهم من هم شرّ منهم, كما سلط على بني إسرائيل كفار المجوس, فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولا. واسألوا الله العون على أنفسكم, كما تسألونه النصر على عدوكم.
وترفقْ بالمسلمين، في مسيرهم، ولا تجشِّمهم مسيراً يتعبهم ولا تقصر بهم عن منزل يرفق بهم حتى يبلغوا عدوهم، والسفر لم ينقص قوتهم، فإنهم سائرون إلى عدو مقيم، جامِّ الأنفس والكراع. وأقم بمن معك كل جمعة يوماً وليلة حتى تكون لهم راحة، يجمعون فيها أنفسهم، ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم.
ونحِّ منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة فلا يدخلَّنها من أصحابك إلا من تثق بدينه, ولا يُرزأ أحد من أهلها شيئاً, فإن لهم حرمة وذمة، ابتُليتم بالوفاء بها كما ابتُلوا بالصبر عليها, فما صبروا فنوِّلهم خيراً, ولا تنتصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح، وإذا وطئت أدنى أرض العدو فأذكِ العيون بينك وبينهم، ولا يخفَ عليك أمرهم. وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه، فإن الكذوب لا ينفعك خبره وإن صدق في بعض، والغاش عين عليك وليس عيناً لك. ولا تخص أحداً بهوى؛ فيضيع من رأيك وأمرك أكثر مما حابيت به أهل خاصتك…).
لا شك أن هذا النص فيه دروساً نتمنى أن يستفيد ثوارنا منها ولعل أهمّها:
– ذوبان الأنا في الجماعة وعدم الاعتماد على الفردية مهما كان القائد شريفاً.
– التسلح بالمبدأ قبل المدفع.
– راقب نفسك وراهن عليها قبل الرهان على عدوك.
– راعِ أهل العهد (المدنيين)، وارأف بهم فنحن من يحميهم لا من يظلمهم.
فهل من لبيب يعقل!
التعليقات متوقفه