واقع مرّ – يمنى الخطيب
واقع مرّ
يمنى الخطيب
في ظل هذه الصعوبات، التي تجعل الموت عندنا أفضل من الحياة، يتوجّب على السوريين إلغاء وجبتي الغداء والعشاء، ولا داعي لوجود حليب على الفطور، ويُفضل تبديله بالماء، ليس بهدف الحمية وإنما لمكافحة الغلاء، والمريض عندنا ليس بحاجة للدواء، ولا الغذاء فالله سيمنُّ عليه بالشفاء.
أما التجّار، فقد أصيبوا بحمّى الدولار، فعند نزوله لا تنزل الأسعار، ولا يثبتون على قرار، إذ يتغيّر ثمن السلعة بين الليل والنهار، ومن يدري لربما سيأتي يوم تعرض فيه بيتك للإيجار، وتعيش في القفار.
بمجرد دخولك أي محل تجاري ستصاب بالدوار، وبين إطعام أولادك وقلّة مالك ستحتار، وإن اتخذت قراراً بعدم الشراء تتذكر فوراً أن زوجتك في الدار، وحالتك النفسية صعبة ولست مستعداً للشجار، وكل ما معك لا يكفي لشراء القليل من الخضار. ويسرّنا دعوة الراغبين في تخفيف أوزانهم إلى سورية، فبكثير من الخوف وقليل من الطعام ستحرق الكثير من السعرات الحرارية، إضافة إلى أن الرياضة المتمثّلة بالركض خوفاً تكون قسرية. وعليك أن تتمالك نفسك ولا تتعجب إن رأيت فتاة تصغي إلى نغمة رنين الهاتف وكأنها تصغي إلى نغمة رومانسية، فقد انقطع الهاتف منذ وقت طويل، أو تجد منا استغراباً لقدوم الكهرباء ساعتين على التوالي فهذا أمر لدينا مستحيل.
أتساءل دائماً؛ لماذا نخاف الموت وقد أصبحت حياتنا لا تطاق، فدماء الأبرياء يومياً تراق، لماذا نخاف ونحن نعلم أننا ذاهبون للجنة، وفيها كل ما نتمنى؛ خدمات الكهرباء دائمة ومجانية! نوم هادئ ولا خوف من اللاشمانية! يأتيك رغيف الخبز دون وقوف بطابور تحت أشعة الشمس القوية، والأرزاق تكفي للجميع ولن تجد من يسرق حصتك؛ لا قوات نظامية ولا ثورية! أصوات أنهار تجري لا أصوات مدفعيّة، قصور مرتفعة ولا داعي للاختباء بالطوابق الأرضية، ولا أحد يتكبر عليك، لا قائد كتيبة ولا رئيس جمهورية، أرى أن ندعو الله أن يرحمنا بقذيفة، لنرتقي لجنة الرحمن، حيث يُكرَّم الإنسان، وتشعر قلوبنا المنهكة من الخوف أخيراً بالأمان!
التعليقات متوقفه