شمس بلادي – سليم المحروق
شمس بلادي
سليم المحروق
(تشرق الشمس على بلادي مضمَّخة بعبق التاريخ، لتسوِّر الوطن بالفل والياسمين… إلخ)، كلمات ردّدتها المذيعة على شاشة تلفزيون النظام.
نعم لقد أشرقت شمس بلادك أيتها الشابة، وكلمة الدولة لم تتغير، إن هي إلا كلمة جامدة لا تنطوي إلا على انطواء الخشبة.
نعم إن الشمس تشرق على الكون كله، ولكن شمس بلادنا تشرق محزونة مكسوفة راجفة حييَّة من هذا الإجرام الذي فاق حدود العقل، ألا إن الدم النازف والدموع التي تخنق حلاقيم الأيتام والثكالى شاهد عيانٍ على عتوِّ الظالمين.
ما الجريمة التي اقترفها الشعب السوري، غير صرخة بالحرية حتى صببتم عليه تلك الحمم، وهل كان “للكيان الصهيوني” كما زعمتم نصيبٌ بطلعةِ طائرة سورية مرة واحدةً!
أين عبق التاريخ أيتها المذيعة المجليَّة؟ فبئس ذلك التاريخ الذي فجَّر الحقد والبغض والانعزال والهمجية والفردية العمياء الطاغية فنشر الهلع والرعب.
أين أنتم من العبق وشذاه؟ أين أنتم من المحبة والألفة والروح الإنسانية الجامعة بين الخلائق وراياتها التي جمحت فوق تاريخكم، فتركتكم نبَّاحين على قارعة طريق الزمن عراةً من القيم.
وهل أن ترجمان المحبة عندكم قذائف تخرق الأجساد، وصواريخ تهدم منازل سكانٍ، يُفترض أن يكونوا آمنين، لكنهم أعدو الملاجئ على عجلٍ تخفّياً عن طائراتكم.
آه يا نسور سلاح الجو العربي السوري!
آه يا أبا المُهْرَة فوق الريح ينقض أساطيرَ الرجولةٍ!
إنّ الطيّار في الحروب الناشبة بين الدول يحسب ألف حساب قبل قذف حممه القاتلة، فما هو شعوركم وأنتم تلقون قذائفكم على أبناء بلدكم الذين مكّنوكم من امتطاء صهوة السماء بعرق جبينهم. سماء مفتوحة وأهداف أرضية مكشوفة!
العدو طفل ذاهب إلى المدرسة، وأم ترضع وليدها، وأب في دكانه يتطلّع إلى رزقه من أبواب السماء.
إن الوطن المسّور بالفل والياسمين قد صيرتموه حَوْمَة براكين، فتبّاً للأيدي التي تطلق الجحيم، وتبّاً للعقول القاحلة من المعرفة، المعرفة التي تبني المحبّة وترعاها.
ولو كنتم خَلَوْتم إلى العقلِ والضميرِ والوجدان لحسبتم ألف حساب قبل أن تعلنوها حرباً على الشعب السوري، الذي من عرق جبينه ومن كدّ يمينه مأكلكم ومشربكم ومسكنكم.
فلعمري إنّكم أحوجُ إلى الشفقةِ عليكم، لعلكم تستفيقون من سباتكم، وتكتشفون عمق استبداد الجهل في عقولكم، وهوّة البؤس في نفوسكم.
ألا تفطّنوا إلى رُعَناء التاريخ الظالمين، وتفطّنوا إلى حكم الزمن الذي لا تغيب عن حافظته الأمينة مَظْلَمةٌ من المظالم.
إن الشعب السوري كلّه قد تحوّل بلمحة الطّرف من شعب عربيٍّ صميم خُلق وخُلقت معه الـ 99% إلى عصابات إرهابية مسلّحة لاتُكافح إلا بقذائف القتل والتهجير من بيوتهم!
ألا رُودوا عوالمكم الداخلية، وتفحّصوا ذاكرتكم، وتذكّروا أنكم أنتم لا سواكم الذين رفعتم الشعب إلى قبة السماء بالكلام وبخطاباتكم اللولبيةِ فأسميتم القصر الجمهوري (قصر الشعب) والبرلمان (مجلس الشعب) إلخ…
إذن فماهو العفريت الذي حوّل شعبكم الطيب إلى عصابات إرهابية مسلّحة بلمح البصر؟
ألا تفطنوا أنتم وسواكم من الموهومين بعظمة القيادة إلى أن للزمن ذراع قويّة وأصابع خفيّة، ولها الحكم الفيصل الذي يطيح بالظلم والظالمين مهما طال الليل واشتدّ سواده!
التعليقات متوقفه