لماذا انضم “لواء داوود” إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”؟ – رامي سويد
تمكن تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة في صيف العام الماضي على عدة بلدات وقرى في ريف حلب الشمالي بعد تمكّنه من طرد كتائب الثوار منها بعد معارك طاحنة بين الطرفين، القوات التي هاجمت مناطق سيطرة الثوار في بلدات أخترين وتركمان بارح وارشاف ودابق واحتيملات والقرى المحيطة بها تكوّنت في الأساس من مقاتلين مهاجرين “غير سوريين” بالإضافة إلى مجموعات من مقاتلي لواء داوود.
حيث تحدّث شهود عيان من أبناء القرى الواقعة شمال وشرق أخترين للغربال عن مشاهدة قائد لواء داوود حسن عبد الجليل عبود (الصورة)، المعروف باسم “حسان عبود السرميني” قبل أيام قليلة من هجوم تنظيم الدولة؛ يصل إلى المنطقة لمقابلة أبو المثنى الصحراوي “تونسي الجنسية” وأبو أسامة المغربي “مغربي الجنسية”، وهما القياديين الميدانيين لتنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة واللذين قتلا في المعارك الأخيرة مع كتائب الثوار في المنطقة.
وكان لواء داوود قد خرج بكامله في بداية شهر تموز الماضي من مدينة سرمين في ريف إدلب برتل كبير مؤلف من أكثر من 130 آلية متجهاً نحو الشمال بعد أن أعلن أنه سيتوجه لمدينة حلب لمؤازرة قوات الثوار فيها، لكن الرتل الضخم انحرف نحو الشرق بعد وصوله مدينة سراقب بريف إدلب ليعبر منطقة “إثريا” في ريف حماة الشرقي ويتمكن من الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الرقة من جديد بعد أشهر من إعلان قائد اللواء انفصاله عن تنظيم الدولة الإسلامية إبّان الصدام الذي اندلع بينها وبين كتائب الثوار مع بداية العام الحالي.
وكان تنظيم الدولة الإسلامية قد عيّن حسان عبود قائد لواء داوود أميراً للتنظيم في محافظة إدلب قبل فترة من اندلاع صدامه مع فصائل الثوار، وحسان عبود هو رجل متدين يحمل الفكر السلفي الجهادي من أبناء مدينة سرمين شارك في القتال في العراق إبان الاجتياح الامريكي له، ثم عاد إلى سوريا لينتظر انطلاق الثورة فيها ويشكل مجموعته المسلحة الأولى التي حازت شعبية كبيرة لدى السكان بسبب شجاعة وإقدام عناصرها وقيامها بعمليات نوعية ضد الحواجز العسكرية التي نشرها النظام السوري في المناطق التي شهدت التظاهرات في أرياف إدلب الشمالية والغربية.
حيث قامت المجموعة التي يقودها حسان عبود السرميني والتي عُرفت فيما بعد باسم لواء داوود بالسيطرة على حاجزيّ “حميشو” و”شقيفي” قرب سرمين، كما قامت بمهاجمة حاجز سيجر الشهير واستطاعت تكبيده خسائر فادحة دون أن تتمكن من السيطرة عليه بشكل كامل، قبل أن تقوم بالاشتراك مع فصائل الثوار الأخرى العاملة في المنطقة بالسيطرة على معبر باب الهوى الحدودي في بداية صيف عام 2012، ليحوز حسان عبود السرميني ورجاله على شعبية واسعة بين السكان أدت مع زيادة الدعم المالي الذي يصل اللواء من داعمين من الخليج العربي إلى زيادة عدد مقاتلي اللواء بشكل كبير.
في فترة لاحقة فقد حسان عبود السرميني قدميه بسبب عبث أحد مرافقيه بشكل خاطئ بقاعدة صواريخ كانت تستخدم لقصف معسكر القرميد التابع لقوات النظام السوري في ريف إدلب الأمر الذي أدى لإنفجار أحد صواريخها بين الموجودين، ليتوجه بعدها قائد لواء داوود إلى مدينة اسطنبول التركية لتلقي العلاج ويعود بعد فترة ليقرر الدخول في عمليات عسكرية كبرى مع قوات الثوار ضد قوات النظام السوري.
حيث شارك لواء داوود في شهر كانون الأول من عام 2012 بعملية تحرير كلية الشؤون الادارية في خان العسل بريف حلب الغربي، وخسرت كتائب الثوار في هذه العملية أكثر من أربعين مقاتلاً من مختلف الفصائل المشاركة لينتج عن ذلك اتهام قائد لواء سيوف الحق “راشد طقو” لقائد لواء داوود بأنه قام بالاستهانة بقوات النظام الموجودة في الكلية الأمر الذي أدى لوضعه لخطة عسكرية فاشلة أدت لخسارة كتائب الثوار لكثير من مقاتليها في المعركة، في مقابل اتهام قائد لواء داوود لقائد لواء سيوف الحق بأن عناصره تخاذلوا أثناء المعركة ولم يقوموا بمؤازرة عناصر لواء داوود الذين اقتحموا الكلية.
سبَّب هذا الخلاف تدهور العلاقة التي كانت تعد من أفصل العلاقات بين فصائل الثوار في ريف إدلب، وكانت أول الخلافات التي أدت فيما بعد إلى الانفصال التام والتنافر بين لواء داوود ومختلف فصائل الثوار في ريف إدلب.
حيث قبل قائد لواء داوود بعد أيام قليلة دعوة صديقه المعروف باسم “أبو أيمن رام حمدان” قائد لواء بدر التابع لحركة أحرار الشام للمشاركة بعملية تحرير مطار تفتناز العسكري مع الأيام الأولى من عام 2013، وشارك لواء داوود في عملية تحرير المطار على الرغم من اعتراض جبهة النصرة إحدى أكبر التشكيلات المشاركة بسبب المشاكل التي نشأت في وقت سابق بين قيادة جبهة النصرة في إدلب وحسان عبود السرميني بسبب امتعاض قيادة جبهة النصرة الدائم من حب قائد لواء داوود للظهور على الإعلام والتسويق لنفسه على أنه القوة الأكثر تأثيراً بين الثوار في إدلب!
تفاقم هذا الخلاف بين الطرفين بعد إتمام عملية السيطرة على المطار حيث اختلف لواء داوود الذي شارك في العملية بسلاحه الثقيل فقط مع قيادة النصرة على اقتسام الغنائم التي حازتها كتائب الثوار بعد السيطرة عليه، واستمرت عملية حل الخلاف أكثر من ثلاثة أشهر، ذلك أن جبهة النصرة اتهمت لواء داوود بسرقة دبابتين من غنائم المطار عن طريق وضع ملصقات اللواء عليهما وسحبهما إلى سرمين مع انتهاء المعركة مباشرةً.
في الفترة اللاحقة بدأ يُعرف لواء داوود بين السكان بقيامه بعمليات عسكرية هامة ضد قوات النظام وبدأ يشتهر بينهم بإقدام عناصره وشجاعتهم، يوضح أحد المنشقين عن لواء داوود بعد انضمامه لداعش “تتحفظ الغربال على ذكر اسمه احتراماً لرغبته” كيفية قيام لواء داوود بعدة عمليات تفجير هامة لحواجز قوات النظام بقوله: (كان عناصر اللواء يقومون باعتقال عناصر “الشبيحة”، ليقوموا بالتحقيق معهم وايهامهم أثناء التحقيق بأنهم صدقوا أنهم مؤيدون للثورة، ليقوموا بعدها باطلاق سراحهم بعد إعطائهم كل منهم السيارة التي كانت بحوزته قبل اعتقاله بعد أن قاموا بتفخيخها دون علمه ليقوم عناصر اللواء بتتبعها وتفجيرها عن بعد عند وصولها أحد حواجز قوات النظام، تمت هذه العملية عشرات المرات ومن أشهر عمليات التفجير التي قام بها اللواء بهذا الاسلوب تفجير حاجز المحراب “طريق سرمين إدلب” وتفجير حاجز شقيفي لمرتين وتفجير حاجز الإسكان العسكري قرب سرمين لمرتين أيضاً).
أما بخصوص موضوع شجاعة وإقدام عناصر لواء داوود فيوضّح المنشق عن اللواء الأمر قائلاً: (قيادة لواء داوود كانت دائماً تقوم بإيصال إيحاءات كاذبة لعناصر اللواء الأمر الذي يرفع معنوياتهم بشكل كبير ويدفعهم إلى الاندفاع في الهجوم على قوات النظام، على سبيل المثال قام مهند عباس أحد مؤسسي لواء داوود بالإيحاء لعناصر اللواء إبان عملية اقتحام معسكر الشبيبة في منطقة النيرب في شهر نيسان عام 2014 بأن أبو عيسى الشيخ قائد صقور الشام سيقوم باقتحام معسكر القرميد وأن عناصر قوات النظام في معسكر الشبيبة قليلو العدد ولا يجوز أن يتفوق جنود أبو عيسى على جنود لواء داوود، في الواقع لم يكن أبو عيسى الشيخ يعتزم بحسب الخطة المتفق عليها اقتحام معسكر القرميد، وانما كانت مهمته تقتصر بحسب الخطة على قصف المعسكر فقط).
في فترة لاحقة نشأت خلافات كبيرة بين أبو عيسى الشيخ قائد صقور الشام وحسان عبود السرميني قائد لواء داوود، ذلك أن أبا عيسى طلب أكثر من مرّة من قائد لواء داوود عدم وضع “لوغو” اللواء على الفيديوهات التي يبثها اللواء على شبكة الإنترنت والاكتفاء بشعار “صقور الشام” إلا أن قائد لواء داوود كان يتجاهل طلبات أبي عيسى بشكل مستمر.
في النهاية قرر قائد لواء داوود ترك الحاضنة الشعبية التي عمل على بنائها في مناطق ريف إدلب التي يسيطر عليها الثوار لمدة سنتين ليلتحق بتنظيم الدولة الاسلامية، ربما يكون مرد ذلك بشكل رئيسي إلى الخلافات التي استشرت بين حسان عبود السرميني قائد لواء داوود من جهة وبين قادة مختلف فصائل الثوار في ريف إدلب من جهة ثانية بالإضافة إلى الفكر السلفي الجهادي المتأصل لدى قائد لواء داوود والذي يجعله واصلاً إلى درجة الهوس بأفكار إنشاء دولة إسلامية يتزعمها خليفة للمسلمين، الأفكار التي لم يجد قائد لواء داوود غير تنظيم الدولة الاسلامية كطريق لتطبيقها.
http://www.youtube.com/watch?v=qDkrtrld614
التعليقات متوقفه