الخلافات الشخصية ومستقبل الثورة
أن تكره شخصاً أو أن تحب شخصاً آخر؛ أمر مرتبط بطبيعتنا البشريـة وأتفهّمه جيداً، ولكن المصيبة أن تترك هذه المشاعر تسيطر عليك في زمن نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى الوحدة والاتفاق، والمصيبة الكبرى أن يكون هذا الخلاف بين القيادات والعناصر الفاعلة على الأرض.
أتذكر جيداً المراحل الأولى من الثورة، حينما كنا مجموعة “الثوار” مدعومين بسند شعبي قوي وتعاطف كبير، ولكن وبعد أن كبرت الثورة واشتد عودها واندحر الجيش من مدينتنا بدأت الخلافات والمشكلات تطفو على السطح، وذلك لأن الجميع بدأ يرى أنه لابد أن يكون في مركز القيادة، وبدأ “الثوار” يُحسون أن الثورة أصبحت مطيّة لأشخاص لم يكونوا في السابق يجرؤون على التنفس! كما أن التنظيم الثوري أصبح بحاجة إلى وضع جديد يستوعب من خلاله الجميع ليستطيع إدارة المرحلة الجديدة.
لقد فشلنا في المرحلة السابقة في جمع الأطراف المتنازعة على طاولة حوار واحدة، فلم تنجح تجربة الانتخابات، ولا أسلوب التوافق، وبدأنا نغوص في تفاصيل ثانوية من مثل: من سيدعو الأطراف، ومن يحق له، ومن سمح لفلان بالتدخل… ولم تنجح كل المحاولات لتثبيت أي اتفاق، فلا نجح “حلفان اليمين”، ولا “كلمة الشـرف”، ولا ولا ولا… وأصبحنا كالدولة اللبنانية “الشقيقة” نَهيم في بحرٍ من المشكلات السياسية ووجع الرأس الذي لا ينتهي.
من جهة أخرى كانت المكاتب الموجودة على الأرض كالمكتب الإعلامي والإغاثي والمالي والإحصاء تعمل بصمت وتبني نفسها خطوة بخطوة، ولم تتعلم منها القيادات الثورية والمدنية والأطراف الفاعلة المتناحرة أي شيء سوى أنها وجدت نفسها بعد فترة وجيزة -ورغماً عنها- مضطرة للتعامل معها؛ لأنها هي من باتت الطرف الأقوى والأكثر تنظيماً والأقدر على الفعل في حين أن الكثير من “ثوارنا” باتت أوراقهم محروقة سياسياً…
وأنا هنا أطلب وأدعو الجميع ليتذكروا الشهداء، والهدف الذي استشهدوا لأجله، والمعتقلين الذين يقبعون في السجون، والجرحى في المستشفيات و… وأقول لكل من يبحث عن منصب أو يرفض التعامل مع شخص آخر بسبب خلافات شخصية ستجرّنا معهم إلى مصير مجهول، أقول لهم جميعاً ما قاله المثل:
الراس شاب والسن داب ومثوانا للطراب
بقا يا جماعة كرمال كل شي ألو عندكن معزّة يا اشتغلو مع بعض وخلونا نرتاح ويوجعنا راسنا من بيت الأسد بس، يا أما تركو هالشغلة كلها لغيركون إزا ما في مجال تشتغلو مع بعض.
بقلم: أسامة السلوم
التعليقات متوقفه