التراث السوري: مجزرة المقامات والأضرحة الصوفية ما زالت مستمرة – د. شيخموس علي – أ. سالم علي
نشرت شبكات التواصل الاجتماعي والعديد من المواقع الإلكترونية التي تهتم بالشأن السوري تقريراً مصوراً يبين قيام عدد من الفصائل العسكرية بهدم ضريح العلامة الشيخ محمد نبهان أحد أشهر الوجوه الصوفية في مدينة حلب والذي دفن مع أفراد من عائلته في جامع الكلتاوية بحلب القديمة، إضافة لهدم ونبش قبور زوجته وأخيه وأحد أبنائه.
لم تكن حادثة نبش وتخريب قبر الشيخ نبهان في حي باب الحديد بمدينة حلب هي الأولى من نوعها لأن عمليات هدم وتفجير المقابر والمقامات الدينية شملت العشرات من الأضرحة والقبور الأثرية والصوفية وقد بدأت منذ 2012 لهدفين: الأول وإن كان على نطاق محدود يتم من قبل لصوص الآثار بهدف العثور على لقى أثرية من أجل تهريبها وبيعها، وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل خاص في مواقع القرى المنسية بريف إدلب المسجلة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر وكذلك بعض التلال والمواقع الأثرية في ريف دير الزور، مثل القبور في عين علي وتل السن ودورا أوربوس.
أما الهدف الثاني من نبش وهدم القبور والذي يتم بشكل كبير في مختلف المناطق فهو لأسباب إيديولوجية ويتم من قبل بعض الأشخاص والتيارات من ذوي التوجه السلفي وذلك قبل وجود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
قامت جمعية حماية الآثار بتوثيق العديد من هذه الحالات مع العلم أن هذه القائمة تبقى غير مكتملة لأننا لا نعرف العدد الكامل للمقابر والمقامات التي تم هدمها وتخريبها.
المنطقة الشمالية:
1- حلب:
في مدينة حلب تعرضت الحُجرة النبوية التي توجد على يسار المحراب في الجامع الأموي الكبير للسرقة، حيث أشار العديد من المواقع الإلكترونية وكذلك مقاطع الفيديو، إلى أن الحُجرة النبوية التي تعود للعصر العثماني كانت تضم 3 شعرات وجزء من ضرس الرسول (ص) في علبة داخل صندوق زجاجي مفرّغ منه الهواء وموضوع في مقام صغير بالمسجد تعرضت محتويات الصندوق للسرقة خلال شهر آذار 2013.
أما بالنسبة لعمليات تخريب القبور والأضرحة في المدينة القديمة فلم يكن قبر الشيخ محمد النبهان وعائلته هي الحالة الاولى التي تعرضت للنبش والتخريب، بل سبقها عدة حالات مثل تدمير أضرحة لعدد من الأولياء في جامع الصالحين الذي بناه عضد الدولة أبو شجاع أحمد في العام 499 هجرية 1105م. فقد أشارت وسائل إعلامية عديدة إلى قيام جبهة النصرة خلال شهر تموز 2014، بنبش عدة قبور وتخريبها بالإضافة الى تخريب حجرة مقام إبراهيم التي توجد في جامع الصالحين. حيث بينت الصور عدداً من القبور التي تم نبشها بالإضافة إلى اختفاء صخرة ناتئة كانت موجودة في قبلية الجامع، هذه الصخرة كانت تنسب إلى سيدنا إبراهيم الخليل، ويقال إن أثر قدمه مطبوعة عليها، ويذكر “الغزي” وهو مؤرخ حلبي أن الأمير “مجد الدين أبو بكر محمد بن الداية” أنشأ خانقاهاً في “مقبرة الصالحين”، وفي شرقي صحن الخانقاه توجد “مغارة الأربعين” وفي المسجد جهة الشمال قبر الإمام “علاء الدين أبي بكر القاشاني الحنفي” وقبر امرأته “فاطمة بنت الشيخ علاء الدين السمرقندي. تحوي “مقبرة الصالحين” العديد من القبور القديمة عائدة للقرن الرابع عشر الميلادي وما قبله وقد نقل أحد قبورها الجميلة إلى الجناح الإسلامي في المتحف الوطني بحلب ويحمل كتابات كوفية مورقة بديعة.
بالإضافة إلى ذلك تعرضت قبة مقام الشيخ يبرق -وهو مقام السيد أبي عبد الله الحسين بن حمدان- الذي يقع ضمن ثكنة هنانو، لأضرار جسيمة نتيجة تعرضه لقذيفة دبابة أثناء المعارك التي اندلعت خلال شهر حزيران 2103.
فيما يخص ريف حلب فقد تعرض عدد كبير من المقابر والمقامات للتدمير والنبش والتخريب.
– بحسب تقرير نشر من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف فإن جميع الأضرحة الموجودة حول الكنيسة البيزنطية الواقعة على طريق قلعة نجم تم هدمها بالإضافة الى أضرحة شهاب الدين. أما في منطقة مسكنة فقد تم هدم أضرحة في الخفسة ودير حافر بالإضافة إلى قبور وأضرحة في منطقة الباب وناحية الزربة والحاضر-وفي تل الأتارب وتل الضمان.
کما أقدم عناصر قيل إنهم تابعون لداعش على تفجير جامع قرية الشيخ هلال في ريف حلب الشمالي، وذلك بحجة وجود قبر قديم للشيخ “هلال” داخل الجامع الذي سميت القرية باسمه كما يقول سكان القرية. كما قام عناصر من داعش بهدم ضريح في قرية الجبول بمنطقة السفيرة.
أما في مدينة منبج: فقد قام عناصر تنظيم داعش بتدمير ضريح الشيخ العقيلي بالإضافة إلى عدد من القبور ومقام صوفي في قرية أبو قلقل بمنطقة منبج خلال شهر أيلول 2014.
فيما يخص منطقة إعزاز: فقد قام التنظيم بهدم أضرحة في تل إعزاز –تل صوران– تل الشيخ ريح –تل أخترين- مزار النبي داوود في قرية دويبق وذلك خلال شهر أب 2014.
أما في قرية مرج دابق فقد دمر عناصر من هذا التنظيم المتطرف ضريح الصحابي عبد الله بن مسافع القرشي وضريح الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك (54-99 هـ/674-717 م)، الخليفة الأموي السابع.
كما هو الحال في العديد من المناطق السورية، فقد تعرض العديد من المقابر الأثرية للنبش والتخريب من قبل لصوص الآثار بهدف العثور على لقى أثرية من أجل بيعها، كما هو الحال في مدفن بيزنطي في قرية شاش حمدان كان يحتوي على العديد من التماثيل الأثرية الجنائزية التي تم سرقة عدد منها وتكسير الباقي.
2- إدلب:
في محافظة إدلب تعرض العديد من المقامات والأضرحة لأضرار جزئية بسبب قصف قوات النظام مثل مسجد الشيخ إبراهيم في بنش وقبر أبو العلاء المعري في معرة النعمان بالإضافة إلى ضريح الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز الأموي (61 هـ/681م-101 هـ/720م) حيث تعرضت إحدى قباب الضريح في الزاوية الجنوبية الغربية لتدمير جزئي نتيجة تعرضها لقذيفة هاون تم إطلاقها من معسكر وادي الضيف.
حتى هذا التاريخ لم تصلنا أية معلومات موثقة تشير إلى نبش أو هدم أية أضرحة لأسباب إيدولوجية في ريف إدلب، عدا حسينية في قرية زرزر تم هدمها جزئياً ولا نملك معلومات عن تاريخ البناء.
أما فيما يتعلق بالمدافن الأثرية التي تعود إلى الفترة البيزنطية، فقد قام مجهولون بكسر التوابيت الحجرية –النووايس– التي كانت متواجدة في موقع البارة الأثري. من جهة فقد تعرضت العديد من المدافن الأثرية في القرى الأثرية القديمة التي تسمى المدن الميتة، للحفر غير الشرعي من قبل لصوص الآثار مثل مدفن مغارة المزوقة وعدد من المقابر الموجودة في قرية الأربعين مغارة وغيرها.
المنطقة الوسطى:
3- حمص:
في مدينة حمص قام مجموعة من لصوص الآثار بنبش قبور كانت توجد تحت أرضيات متحف التقاليد الشعبية –قصر الزهراوي– هذا النبش تم بغية العثور على لقى أثرية من أجل تهريبها وبيعها لتجار الآثار.
أما الحالة الثانية التي تم توثيقها فتعود إلى 3-1-2013 حيث تم نشر مقطع فيديو على اليوتيوب يظهر تفجير أحد المزارات الدينية والذي من المحتمل أن يكون ضريح عز الدين أبو حمزة أحد القادة الذين كانوا مع صلاح الدين الأيوبي الذي دفن في ريف حمص عام 1138هــ-1193م.
بالمقابل فقد تعرض الضريح الخشبي الذي كان يعلو قبر الصحابي خالد بن الوليد لأضرار جسيمة وذلك بسبب قيام قوات النظام بقصف الجامع الذي تعرض بدوره لأضرار كبيرة. أضف الى ذلك، مقام أبو الهول في حمص القديمة والذي تعرض بدوره لدمار جزئي نتيجة عمليات القصف التي قامت بها قوات الجيش السوري.
4- حماة:
لم تردنا أية معلومات تشير إلى هدم أو نبش قبور لأسباب دينية في ريف محافظة حماة، لكن أشارت بعض الوسائل الإعلامية إلى تعرض عدد من القبور الأثرية في منطقة الناصرية للنبش والسرقة.
التعليقات متوقفه