الرضاعة الطبيعية في زمن الكوارث حاجة ملحة – د. سامر الجنيدي

 

للرضاعة الطبيعية في الظروف العادية الكثير من الفوائد للأم والطفل وتزداد أهمية الرضاعة الطبيعية في حالات الكوارث والحروب؛ فالحليب الاصطناعي يحمل معه الكثير من الأمراض للطفل كما أن شروط استعماله لا تتوافق مع الظروف الراهنة التي تعاني منها البلاد حيث لا تتوفر المياه النظيفة ووسائل الغلي لتعقيم أدوات الرضاعة غير الطبيعية، لكن مع ذلك تنتظر غالبية النساء حليب المساعدات الصناعي ظناً منهن أن حليب الأم يتأثر بالعوامل النفسية التي تمر بها الأم المُرضع.

الإرضاع الطبيعي بالنسبة للطفل هو العنصر الأهم في حياته خلال الأشهر الستة الأولى من عمره، والمنظمات الصحية العالمية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية تنصح بالرضاعة الوالدية الحصرية، أي إرضاع الأم لطفلها حصراً، خلال الأشهر الستة الأولى من العمر والاستمرار بالإرضاع مع الأطعمة الأخرى حتى عمر السنتين دون الاستعانة بأي حليب سواء كان اصطناعياً أو بقرياً، إن استخدام الزجاجة يؤدي إلى تعوّد الطفل عليها وترك حليب الأم الذي سيخف تدريجياً إلى أن يتوقف الإدرار، وهذه خسارة صحيّة واقتصاديّة كبرى للطفل والأم والأسرة وحتى للمجتمع.

للرضاعة الطبيعية عدد كبير من الفوائد للطفل أهمها حصوله على المناعة، حيث تتنافس شركات الحليب من أجل صناعة شيء قريب لحليب الأم من الحليب البقري ومواد أخرى، إلا أنها تفشل في ذلك بسبب وجود بعض المواد في حليب الأم من المستحيل تصنيعها، أهم هذه المركّبات ما يدعى بالمضادّات الجسمية التي تعطي مناعة للطفل خلال الأيام الأولى من الولادة وتستمر فيما بعد، كما أن بعض الخلايا الموجودة في حليب الأم كالخلايا البالعة والخلايا اللمفاوية تلعب دوراً عظيماً في مناعة الطفل، وثمة إحصائيات عالمية تُظهر بوضوح أن الطفل الذي يرضع من أمه هو أقل إصابة بالتهاب الأذن الوسطى والتهاب الطرق التنفسية وذات الرئة والتهابات الأمعاء، هذه إحصائيات الدول المتقدمة حيث الماء المعقم متوفّر وتنظيف الأواني سهل فما بالك عندما يعزّ الماء أو تصعب المحافظة على مبادئ النظافة العامة في بلد مثل سوريا يعيش سكانه أسوأ الأوضاع المعيشية حالياً!

وللرضاعة الطبيعية فوائد للأم أيضاً فهي تشعرها بالثقة بالنفس، كما تسرّع من انطمار الرحم بسبب إفراز هرمون الأوكسيتوسين لتعود الأم إلى وزنها ماقبل الحمل بسرعة أكبر عدا عن حماية الرضاعة الطبيعية للأم من الكثير من الأمراض وأخطرها سرطان الثدي وداء السكّري.

وللرضاعة الطبيعية تأثير إيجابي على المجتمع ففي 2010 ونتيجة حملة العودة إلى الرضاعة الطبيعية في الولايات المتحدة الأمريكية تم توفير 3.5 بليون دولار، في كل العالم المتقدّم هناك عودة إلى حليب الأم لتخفيف الأعباء الاقتصادية على المجتمع ويتحدّثون عن تأثير مصانع الحليب على البيئة فما بالك عندما يتم الحديث على وضع شعبنا السوري الذي يعيش أزمة صحية واجتماعية واقتصادية!