أطفالنا الذين دفعوا الثمن الأكبر بلا عيد – راشيل الحمصي
تُطوى أيام طفولتهم يوماً بعد آخر، وتمضي الطفولة دون طفولة، وأية طفولة هي التي يعيشها من نسي معنى الضحكة، أية حياة هذه التي مع طلوع شمس كل يوم منها تطلع مأساة جديدة ويبدأ مشوار ألم جديد. وُلدوا دون إذنٍ منهم، وفُرِض عليهم الظلم كما فُرِضت عليهم أسماءهم، ولكل منهم من المأساة نصيب.
لم يكن قرار أيٍّ منهم اللعب بفوارغ الرصاص بدل الكرة، أو نسيان الحكايات البريئة التي يحكيها الأطفال واستبدالها بالحديث عن الموت والطيران والصواريخ، لم يكن قرار أيٍّ منهم أن يخلد للنوم كل مساء وهو يفكر بالموت والنزوح والخوف وفقدان الأهل.
والمشكلة أن لا أحد يأبه إلى أن جيلاً كاملاً يتحطم، يعيش ظروفاً أبعد ماتكون عن شروط حياة الإنسان، طعام فاسد، مياه فاسدة، بلا كهرباء، بلا ماء، بلا أضواء، بلا مدارس، بلا ألعاب، بلا أمان، وأحياناً بلا مسكن، في العراء، وفوق كل ذلك الموت الذي يحاصر هذا الجيل ويسرق المزيد من أبنائه كل يوم.
فقد أربع أطفال حياتهم صبيحة يوم العيد في مدينة دارة عزة بريف حلب وفقد آخرون حياتهم صباح العيد أيضاً في مدينة الباب بريف حلب وفي معرة مصرين بريف إدلب وفي القلمون ودرعا وغيرها، ترى من يبالي؟ من يبالي بطفلٍ تشرَّب الخوف واليأس مع كل لحظةٍ يعيشها، ومن يكترث لحزنه ووجعه وجوعه وبكائه، وتلك المسؤوليات التي ألقيت عليه، ومن يكترث لملايين حُرِموا كل شيء وتحطمت شخصياتهم وذهب مستقبلهم ودُفنت أحلامهم تحت ركام بيوتهم، يجيء مساء ويروح آخر، ولا نسمع إلا بطفل استشهد وآخر أصيب، وآخر يصرخ ويبكي وينوح.
كان يقال في السابق: العيد للأطفال، أما اليوم فقد مرَّ العيد ولم يشعروا به، أطفالنا في حالة يُرثى لها، والعالم كله يتفرج من بعيد، فأرجو من الضمير الميت أن يعود للحياة كي تنتهي المأساة ويعيش أطفالنا ككل أطفال العالم.
التعليقات متوقفه