لماذا ترغب ألمانيا باستقطاب اللاجئين السوريين؟ – شذى الخليل
يستغرب معظم السوريين القرارات الألمانية المشجعة لقدوم السوريين لألمانيا كقرار إيقاف تطبيق إتفاقية دبلن على السوريين والتي تقضي بإعادة اللاجئ إلى أول بلد تم تسجيله به كلاجئ (من خلال أخذ بصماته)، وبهذا يمكن لأي سوري موجود في أي دولة أوربية التوجه إلى ألمانيا وسيتم منحه اللجوء والإقامة فيها.
لقد قضيت حتى الآن ست سنوات من مع أسوأ نموذج للألمان وهم أولئك الألمان الشرقيون المنغلقون الذين يحملون الأفكار النازية وهؤلاء الألمان هم سكان مقاطعات ألمانيا الشرقية سابقاً وترغب الحكومة الألمانية الاتحادية بالحد من تأثيرهم في المجتمع الألماني.
سياسة الدولة الألمانية أصبحت في السنوات الأخيرة تابعة للولايات المتحدة الأمريكية ويتجلى ذلك بالسعي للقضاء على الفكر النازي بألمانيا وخاصة في ألمانيا الشرقية، وذلك بسبب حصول حوادث قتل لطلاب أجانب يتم قدر المستطاع التغطية عليها وإبعادها عن وسائل الإعلام، وترى الحكومة الألمانية أن الحل الوحيد لمكافحة الفكر النازي هو وضع النازيين تحت الأمر الواقع من خلال جذب أعداد هائلة من الأجانب ودمجهم في المجتمع.
تطبيقا لذلك افتتحت الجامعات الألمانية خلال السنوات الأخيرة الكثير من التخصصات التي تكون الدراسة فيها باللغة الإنكليزية فقط ومع تقديم منح دراسية خاصة بالطلاب الأجانب بهدف استقطابهم وجلبهم إلى ألمانيا، ثم بدأت الحكومة الألمانية بتقديم تدريبات للطلاب الأجانب تعلمهم كيفية التعامل مع أي شخص يحمل فكراً نازياً قد يصادفونه في الطريق أو في محطة القطارات أو أي مكان عام آخر.
صدر بعد ذلك قانون بطاقة “بلو كارد” الألمانية الشبيهة لـ”جرين كارد” الأمريكية مع ملاحظة أن الحصول على البطاقة الألمانية أسهل من الحصول على البطاقة الأمريكية كذلك الأمر بالنسبة للحصول على حق الإقامة الدائمة في ألمانيا والذي هذه تمنحه البطاقة.
كما قامت الحكومة الألمانية بعقد مؤتمرات لموظفين دوائر الهجرة والإقامة، المشهورين بمعاملتهم السيئة للمهاجرين، أوضحت فيها الحكومة الألمانية لهم أن سياسة ألمانيا تغيرت من الانغلاق نحو العالمية كما هو حال سياسة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
أيضا لعب تراجع نسبة المواليد في ألمانيا دوراً في دفع الحكومة الألمانية إلى إصدار قوانين تستقطب اللاجئين وتمنح مزيداً من التسهيلات لهم ذلك أن الخطط الاقتصادية طويلة الأمد تستلزم دراسة نسب المواليد ومعدلات الأعمار التي ترتفع بشكل مستمر في ألمانيا الأمر الذي دفع الحكومة إلى إيجاد حل من خلال استقطاب المزيد من اللاجئين من المجتمعات المعروفة بنسبة الشباب العالية فيها.
تجلى كل ذلك من خلال تسهيلات كبيرة قدمتها السفارات الألمانية للطلاب السوريين الذين يطلبون الفيزا الدراسية لإكمال دراستهم في ألمانيا في حال كان لدي الطالب الذي يقدم طلب الفيزا الدراسية قبول في جامعة ألمانية وأوراق سفر وشهادات نظامية.
لعبت سمعة السوريين الحسنة في ألمانيا سابقاً دوراً كبيراً في ذلك، حيث يعمل معظمهم في مهن علمية ذلك أن نسبة التعليم مرتفعة جدا بينهم كما يعمل الباقون في التجارة ويلتزمون بدفع الضرائب ولم يتورط أحد منهم في الانتساب لعصابات تجارة المخدرات كما فعل اللاجئون من دول أوربا الشرقية في ألمانيا، وزاد من سمعة السوريين الحسنة في ألمانيا تفوق الطلاب السوريين الذين وصلوا في السنوات الأخيرة إلى ألمانيا في دراستهم.
دفع ذلك الحكومة الألمانية مؤخرا إلى إصدار قرار بمنح اللاجئين السوريين إقامة دائمة بعد ثلاث سنوات من إقامة اللجوء المؤقتة على عكس حال اللاجئين الصرب الذين وفدوا إلى ألمانيا في بداية التسعينات والذين قامت الحكومة الالمانية بإرجاعهم إلى بلادهم بعد انتهاء الحرب في يوغسلافيا السابقة.
لا ترغب الحكومة الألمانية في تحويل أطفال اللاجئين السوريين “المسلمين” إلى “مسيحيين” فألمانيا بلد “لا ديني” وهو يسعى إلى التقدم خطوة إضافية نحو العالمية بحيث تصبح ألمانيا بلداً يستقطب الأجانب بعد أن كان بلداً يسيطر عليه الفكر النازي العنصري.
لكن الشعب الألماني الذي يغلب عليه الطابع العنصري لن يرضى عن اللاجئين رغم كل الاجراءات الحكومية إذا بقي اللاجئون يعيشون عالة على المجتمع الألماني، لذلك فالمطلوب من اللاجئين في الواقع السعي للاندماج في المجتمع الألماني والبحث عن عمل والتحول تدريجياً من مستهلكين إلى منتجين ليضمنوا مستقبلهم ومستقبل أولادهم في ألمانيا.
التعليقات متوقفه