نازحو المناطق التي هاجمها “داعش” بريف حلب في العراء بلا مساعدة – محمود عبد الرحمن
بين أشجار الزيتون قرب قرية كفر كلبين بريف إعزاز يعيش أبو مازن مع أولاده العشرة في خيمة واحدة لا تتسع لأمتعتهم، أصبحت هذه الخيمة الصغيرة بيتاً و مطبخاً وحماماً لعائلته الكبيرة، ينام الأطفال داخل الخيمة بينما تنام باقي العائلة بين الاشجار التي يجلسون في ظلها نهارا لأنخيمتهملا تقيهم حر الشمس.
نزح أبو مازن مع عائلته منذ أكثر من عشرين يوماً من قرية الحمزات القريبة من مارع، نتيجة القصف العشوائي الذي يشنه تنظيم “داعش” على القرية، يقول أبو مازن للغربال: “كانت القذائف و الصواريخ التي كان يطلقها التنظيم تسقط على بعد أمتار من البيوت، حاولنا البقاء في بيوتنا إلا أن التنظيم أصبح على بعد كيلو متر من بيوتنا ما اضطرنا للنزوح عنها.
ويشن تنظيم “داعش” حملة قصف عشوائي بالصواريخ المحلية وقذائف الهاون على قرى الريف الشمالي الحدودية والمحيطة بمارع منذ أكثر 25 يوماً ما أدى الى نزوح ما يقارب 30 ألف من سكان مدينة مارع وقرى الريف الشمالي، يعيش يعيش نحو خمسة آلاف منهم اليوم في الخيام و بين الكروم.
وسيطر داعش على خمس قرى في محيط مدينة مارع لكنه فشل في دخول المدينة رغم محاولاته المتكررة منذ عشرة أيام والتي استخدم خلالها كل أنواع الأسلحة والمفخخات التي يقودها الانتحاريون.
كما استخدم التنظيم الغازات السامة في قصف مدينة مارع و ما حولها حسب ما أوضح الناشط الاعلامي محمود حسانو للغربال الذي قال: ذهبت إلى مدينة مارع لتغطية المجريات العسكرية هناك، عند دخولك المدينة تحصل على كمامة ترتديها طوال الوقت إلا أنها لا تقيك تماماً من الغازات التي تسبب بسيلان الدموع طوال الوقت”، وحذر بعض الأطباء أن بعض هذه الغازات لا يظهر تأثيرها إلا بعد أيام.
يعيش معظم من نزحوا عن مارع ولم يجدوامكانا يؤويهم في مدن وبلدات ريف حلب في مخيمات صغيرة تنتشر بين الكروم يقدر عددها بالعشرات يضم كل منها حوالي 15 عائلة، لا يتوفر لديهم المستوى الدنى من الخدمات كما يوضح أبو محمد، الذي نزح مع أولاده الثلاثة عشر وزوجتيه من قرية صندف الى كروم كفر كلبين، بقوله: ليس لدينا خزانات للمياه و لا مكان لقضاء الحاجة حتى الخيام غير متوفر فقد هجرتني احدى زوجاتي لاني لم استطع تأمين خيمة لها.
ويخشى أبو مازن من أن الإقامة بين الكروم لن تكون متاحة بعد شهر حيث يقول: نحن نقيم الآن في هذه الكروم إلا أن موعد قطاف الزيتون قد اقترب ولا يمكننا البقاء فقد طلب منا سكان قرية جبرين الرحيل عن كرومهم عندما أقمنا فيها لايام فأتينا الى كروم كفر كلبين.
مزيد من العائلات النازحة تعيش داخل القرى التي لم يطالها قصف التنظيم، تقيم هذه العائلات في مباني البلدية و المقاسم وغيرها من الأبنية الحكومية، كما قام بعض السكان بفتح بيوتهم للنازحين مجاناً، إلا أن البعض استغل هذه المحنة لتحصيل بعض المكاسب المادية حسب ما يقول أبو مازن: أسعار آجار البيوت مرتفعة جداً و يريدون أجرة ثلاث شهور مقدماً و نحن الآن بلا عمل وغير قادرين على الدفع.
و كان نشطاء من حلب وريفها قد أطلقوا حملة باسم “رد الدين للريف الشمالي” لجمع المساعدات للنازحين من هذه القرى وتوزيعها على النازحين من المناطق التي سيطر عليها “داعش” أو قصفها بشكل متكرر، وجهت الحملة نداءً إلى المنظمات الاغاثية وغرفة طوارئ حلب لاغاثة مئات العائلات الهاربة من قصف التنظيم و إرهابه.
آوت معظم هذه القرى التي هجّر “داعش” سكانها مئات العائلات التي نزحت من مدينة حلب نتيحة تعرض المدينة للقصف بالبراميل المتفجرة، لتشرد قذائف تنظيم “داعش” سكانها اليوم دون أن يجدوا مكانا يأوون إليه.
التعليقات متوقفه