اللاجئون السوريون وراء ارتفاع النمو المفاجئ في الاقتصاد التركي عام 2015
ربما يشكل السوريون اللاجئون في تركيا وعددهم 2.6 مليون ضغطا على المساكن والوظائف لكنهم في الوقت نفسه يحفزون النمو الاقتصادي. حيث يتحدث مسؤولون اقتصاديون وحكوميون أتراك عن أثر إيجابي على الاقتصاد للسوريين الذين يشكلون أكبر تجمع للاجئين في العالم. وربما يكون اللاجئون أحد أسباب ارتفاع مفاجئ في النمو خلال الربع الثالث من 2015 وتوقعات بمعدلات نمو قوية في 2016.
وجلب المهاجرون الفارون من الحرب الدائرة في سوريا منذ خمس سنوات بضائع كالثلاجات والمواقد بالإضافة لزيت الطهي والخبز والطحين ومواد البناء.
ورغم أن كثيرا من السوريين لم يحصلوا على تصاريح عمل وينتهى بهم الأمر للعمل بطريقة غير قانونية فإن المال الذي ينفقونه يغذي الاقتصاد. وتقول الحكومة التركية أيضا إنها أنفقت منذ بداية الصراع أكثر من عشرة مليارات دولار على معسكرات اللاجئين وضخت مزيدا من المال على بضائع وخدمات.
وحتى الآن تركز معظم الجدل في تركيا عند مناقشة الأثر الاقتصادي لتدفق اللاجئين حول جوانب سلبية بينها التسبب في زيادة المنافسة في سوق العمل بسبب توفر أيد عاملة رخيصة في بلد يتجاوز معدل البطالة فيه عشرة بالمئة. ويؤثر ذلك أيضا على أسعار الغذاء وإيجارات المساكن.
وستمثل أي مؤشرات على أثر إيجابي للاجئين في النمو الاقتصادي وخلق وظائف محتملة على المدى البعيد أنباء جيدة للحكومة التركية التي تكافح لاستيعاب المهاجرين وتسعى للوفاء بوعودها للسيطرة على تدفق المهاجرين على أوروبا مقابل مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي وإحياء مباحثات انضمامها إليه.
وقال معمر قموروش أوغلو المحلل الاقتصادي بشركة (آي.إس إنفستمنت) لوكالة رويترز للأنباء “لدينا حقائق وأدلة وجيهة على أن الإنفاق سواء من جهة 2.6 مليون لاجئ سوري أو من جهة الحكومة كان أحد العوامل الرئيسية وراء المفاجأة الإيجابية في النمو الاقتصادي لعام 2015” ، وقال مسؤول اقتصادي بارز لرويترز إن اللاجئين السوريين يدعمون النمو من خلال الإنفاق الاستهلاكي.
ومن المقرر أن تعلن الحكومة في مارس آذار المقبل الأرقام الرسمية للنمو لعام 2015. ووصف نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك تحقيق نمو بواقع 4 بالمئة خلال الربع الثالث بأنها “مفاجأة إيجابية.” وبعد صدور أرقام الربع الثالث عدّلت الحكومة توقعاتها للنمو في 2016 إلى 4.5 بالمئة عوضا عن 4 بالمئة.
هناك صعوبة في الوصول لأرقام عن مساهمات المهاجرين السوريين الذين يقيمون خارج مخيمات اللجوء لأن بعض إنفاقهم على الأقل يتم ويتركز في قطاعات اقتصادية غير رسمية.
ويقول اقتصاديون إن إحدى الطرق لتقدير ذلك تتمثل في استخدام “خط الجوع” الذي وضعه اتحاد النقابات المهنية التركية ويمثل الحد الأدنى الذي قد يحتاج شخص عادي لإنفاقه لتجنب الجوع وهو 346 ليرة (117 دولارا) في الشهر.
وبناء على ذلك فإن التقديرات تدور حول إنفاق كل لاجئ سوري 346 ليرة شهريا أي أن 2.6 مليون لاجئ ينفقون ما يعادل 0.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وستزيد مساهمة إنفاق اللاجئين السوريين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.7 بالمئة إذا أجريت التقديرات على أساس “خط الفقر” البالغ 1128 ليرة شهريا وهو أقل مبلغ يحتاجه المرء شهريا لتجنب الفقر ويشمل قدرته على الحصول على أشياء تعتبر أساسية كالملابس والكهرباء والمواصلات الأساسية.
لكن تدفق اللاجئين يتسبب في زيادة الأسعار خاصة أسعار الغذاء وإيجارات السكن في مناطق بها كثافة عالية من اللاجئين.
وارتفعت الأسعار الاستهلاكية السنوية إلى 9.48 بالمئة في يناير كانون الثاني في عموم تركيا لكن المعدلات بلغت 10.67 بالمئة في مناطق حدودية مثل غازي عنتاب وأديامان وكلس.
وقال قمروش أوغلو “لا توجد وجبات مجانية في الاقتصاد. هذه المفاجأة بالنمو الإيجابي لها تكلفة على صعيدي التضخم والبطالة.”
وقال شيمشك إن التحدي الاقتصادي الأساسي هذا العام هو مواجهة التضخم وهي مهمة أصبحت أكثر صعوبة بسبب زيادة الحد الأدنى للأجور بواقع 30 بالمئة الذي بدأ تطبيقه هذا العام.
ولم يكن القانون التركي يتيح للاجئين العمل حتى الفترة الأخيرة. والآن هناك قانون جديد يمنحهم تصاريح بموجب قيود معينة تتعلق بالأماكن والقطاعات التي يمكنهم العمل فيها. وبالإضافة لذلك يحظر أن تتجاوز نسبة العمالة السورية في أي شركة عشرة بالمئة.
بعض اللاجئين الموسرين أسسوا شركاتهم الخاصة لدى وصولهم إلى تركيا لكن هناك اعتقاد بأن كثيرين غيرهم يعلمون بطريقة غير رسمية وهؤلاء يقدر عددهم بنحو 300 ألف. وتسبب هذا في انخفاض أجور بعض المهن وفي خروج بعض العمال الأتراك من سوق العمل.
وقال البنك الدولي في ورقة عمل صدرت في الفترة الأخيرة إن زيادة حجم العمالة غير الرسمية من اللاجئين السوريين تؤدي لخروج العمال الأتراك بنسب كبيرة من قطاع العمل غير الرسمي بواقع خروج ستة عمال أتراك مقابل كل عشرة لاجئين.
لكن ينبغي أن تساعد تكاليف الإنتاج المنخفضة على تعزيز الطاقة الإنتاجية وزيادة الطلب على العمالة الرسمية وأن يؤدي لتوظيف ثلاثة أتراك إضافيين لكل عشرة لاجئين.
وأكد مسؤول اقتصادي بارز أن وجود 2.5 مليون لاجئ قد عزز النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق الاستهلاكي وقال إنه يأمل أن تؤدي زيادة أعداد العمالة المنتجة الفعلية في الاقتصاد إلى خفض التضخم.
وأضاف المسؤول الاقتصادي “ظل المهاجرون من سوريا في خانة المستهلكين فقط حتى الفترة الأخيرة فقط. تسبب هذا في زيادة التضخم، الآن يحصلون على الحق في العمل وسيتسبب هذا في زيادة البطالة لكنه سيخفض التضخم لأنهم سيدخلون في دورة الانتاج”.
التعليقات متوقفه