مذبحة معرة النعمان
مايفعله طاغيتنا اليوم في سورية ليس جديداً عليها؛ فقد ابتليت هذه الأرض منذ القدم بالطواغيت والكوارث وفي كل مرة كنا ننهض كما تنهض العنقاء من رمادها لتنبعث من جديد شابة متألقة، اليوم سنحدثكم عن المجزرة المروعة التي ارتكبها الصليبيون في معرة النعمان والتي لم ترتكب الجيوش الصليبية أبشع منها إلا في القدس، لعل قناعتكم بالانتصار في ثورتنا المباركة تترسخ أكثر، فنحن الباقون هنا لا الطاغية:
في سنة 1099م – 492هـ زحف الصليبيون على المعرة بعد احتلالهم لأنطاكية والبارة، وحاصروها من الشرق والشمال وعندما أوشكت المدينة على السقوط أعطوا أهلها الأمان على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وألا يدخلوا إلى المعرة، ولكنهم دخلوها بعد المغرب من ليلة الأحد الرابع والعشرين من شهر محرم، وناموا فيها وجعلوا يهددون الناس، فلما أصبحوا استلوا سيوفهم ومالوا على الناس وقتلوا منهم خلقاً كثيراً قدّرهم المؤرخون بمئة ألف إنسان قُتل أكثرهم من الجوع والعطش، وسبوا من النساء والصبيان مئة ألف أخرى واقتادوهم إلى بلادهم، وملكوها أربعين يوماً بعد دخولها، هدموا خلالها سورها وبروجها وأحرقوا مساجدها ودورها وهدموها وكسروا المنابر وقطعوا الأشجار. وقد قال فيها أحد الشعراء بعد هذه الفاجعة:
هذه بلــــدة قَــضَى الله ياصا ح عليها كما ترى بالخرابِ
فقفِ العيس وقفةً وابكِ من كا نَ بها من شيوخنا والشبابِ
واعتبر إنْ دخلت يوماً إليها فهي كانت منازلَ الأحبابِ
يقول أحد مؤرخي الصليبيين في وصف مافعلوه بالمعرة: “قتلنا جميع من كان فيها من المسلمين الذين اعتصموا بالمساجد واختبؤوا تحت الأرض، فأصبحت خاوية على عروشها، ثم أصابنا شحّ حاد في الطعام إلى درجة أن فرساننا كانوا يأكلون بكل متعة وتلذذ جثث أطفال المسلمين الجائفة التي كانوا قد رموها في السباخ قبل أسبوعين أو ثلاثة”.
ومئة ألف قتيل ليس عدداً مبالغاً فيه؛ فالمعرة كانت مدينة جليلة وحولها حصون كثيرة لايزال بعضها عامراً أو موجودة آثاره إلى اليوم كحصن كفرروما، ومما لاريب فيه أن أهل القرى التي كان الصليبيون يمرون بها في طريقهم إلى المعرة والقرى المجاورة لها كانوا ينزحون إليها ليعتصموا بها، لذلك من الممكن أن يكون اللاجئون إلى المعرة بقدر أهلها وأكثر.
التعليقات متوقفه