القصة الكاملة لفرع المخابرات العامة في كفرنبل
القصة الكاملة لفرع المخابرات العامة في كفرنبل
سامي القرجي، محمد الباشا، محمد السلوم
“بتاريخ 20/4/2013 قامت الكتيبة الأمنية بمدينة كفرنبل بالتعاون مع جميع التشكيلات العسكرية بالمدينة باقتحام مقر مجموعة مسلحة تقوم بأعمال غير شرعية بقوة السلاح وتسبب عدم الاستقرار والفوضى لأهالي المدينة”، بهذه الصيغة المقتضبة والتي تذكر بأسلوب إعلام النظام وطرقه في التعبير؛ أغلقت الكتيبة الأمنية في كفرنبل ملف “مكتب الأمن الوطني” كما يدعوه أصحابه أو ما بات بعرف بـ “فرع المخابرات العامة”.
الغربال تقدّم اليوم التفاصيل الكاملة لهذا الموضوع بعد لقائها بالأشخاص المعنيين وبحث وتحرٍ معمّقين.
منذ عدة أسابيع بدأ الشاب أحمد. ف تحركاته لتشكيل “فرع مخابرات عامة” لمحافظة إدلب مقره في كفرنبل، وسرعان ما تم افتتاح مقر لهذا الفرع في إحدى مدارس البلدة وبدأ الشباب بالانتساب لهذا الفرع، ويذكر أحمد أن عدد الذين سجلوا لديه من كفرنبل وحدها يقارب 390 شخصاً.
ادعى أحمد أنه يملك تصريحاً خطياً من اللواء سليم إدريس رئيس هيئة الأركان العامة، يفوّضه بموجبه بتشكيل هذا الفرع الذي ستكون مهمته “تدعيم عمل الأمنيات في المنطقة ومساعدتها على تحقيق الأمن ورفع تقارير للأركان عما يحدث في الداخل للوقوف على الثغرات ومعالجتها”، وأكد أحمد أنه عرض هذا التفويض على معظم القادة في المنطقة والأعضاء في الفرع، وأعلن استعداده تقديم نسخة عنه للغربال ولكنه مالبث أن تراجع عن وعده بحجة أنها أوراق سرية!
من جهة أخرى أكد المقدم فارس البيوش قائد لواء فرسان الحق أنه اتصل شخصياً برئيس إدارة المخابرات العامة العميد يحيى بيطار وسأله إن كان قد تم تكليف هذا الشخص بإنشاء فرع للمخابرات في إدلب، فأنكر ذلك وأنكر الأمر برمّته، والأمر نفسه فعله رئيس فرع الأمن الداخلي في إدارة المخابرات العامة، أما بخصوص التكليف الخطي من اللواء سليم ادريس فإن المقدم فارس ينفي إمكانية أن يقوم اللواء إدريس بإصدار تكليف كهذا دون الرجوع إلى التشكيلات العسكرية المتواجدة على الأرض، وأكد أنه اتصل بمدير مكتب إدريس الذي نفى له علمهم بالأمر.
الموقف نفسه عبر عنه المقدم أحمد العيسى قائد لواء بيارق الحرية الذي يرى أن تنشيط دور الاستخبارات يجب أن يتم عن طريق مخاطبة المجالس العسكرية الموجودة على الأرض، والطلب إليها أن تقوم بتشكيل مفارز للمخابرات من عناصرها، وفي كفرنبل لا حاجة لهذا الفرع لأن مهامه من ضمن مهام الكتيبة الأمنية الموجودة أصلاً في البلدة.
أما النقيب ناصر الرحال من الكتيبة الأمنية في كفرنبل فلا ينفي إمكانية وجود ارتباط لهذا الفرع بأجهزة مخابرات أجنبية، أو أحد عملائها، “فأحمد قام بعدة زيارات لدول أجنبية منها ألمانيا وصرّح في أكثر من مناسبة أن فرعه مدعوم من بريطانيا وأمريكا”، ويرجّح الرحال أن يكون لهذا الفرع مهمة شبيهة بما حدث في العراق من خلال “الصحوات” التي صُنّعت بحجة حفظ الأمن ومحاسبة المسيئين لتتحول فيما بعد لأداة لضرب الثورة وتقويضها من الداخل، ويرى المقدم أحمد العيسى أن رئيس الفرع غرّر بالمنتسبين إليه عبر إيهامهم بوجود رواتب وأسلحة ولباس موحّد ومساعدات ودعم سخي.
أحمد بدوره ينفي أية صلة له مع جهات خارجية، ويؤكّد أنه كان على تنسيق كامل مع مختلف المحاكم في المنطقة ومع بعض التشكيلات العسكرية غربي المعرة وجميع تشكيلات شرقي المعرة وسراقب وجبل الزاوية وشمال إدلب عدا جسر الشغور وإدلب المدينة لوجود الجيش فيهما، أما عن السلاح الذي يمتلكونه فذكر أنه بضعة بنادق تعود ملكيتها للأشخاص الذين انتسبوا للفرع، كما أكّد أنه لم يتلقَ أي دعم بالسلاح أو الأموال وأن تمويله كان سيأتي من خلال تنفيذ مشاريع كثيرة تم الاتفاق بشأنها مع المحاكم في المنطقة، كمشروع “تنمير السيارات”، بالإضافة إلى وعد من الأركان بإمكانية الدعم مستقبلاً في حال توفر الموارد.
وعند مواجهة أحمد بالنتائج التي حصل عليها قادة الألوية في المنطقة عند سؤالهم القيادة عنه؛ ضحك قائلاً: “بالله عليك هل من الممكن أن تقول لهم الأركان نعم نحن من أرسله، ونحن مكتب استخبارات سري! أما من زعموا أنهم سألوا المسؤول عن المخابرات العسكرية وأنه أنكر معرفته بنا فيبدو أنه تناسوا أننا مكتب أمن وطني مدني لا عسكري”!
وعن سير العمل في هذا الفرع تحدّث للغربال النقيب ناصر الرحال قائلاً: منذ بداية عمل الفرع قام ت الكتيبة الأمنية بزرع اثنين من عناصرها داخل الفرع لينقلوا لنا ما يتم داخله من أعمال وما يدور فيه من أحاديث؛ لكشف حقيقة الفرع، وقد ذكر لنا عناصرنا أن الشاب أحمد “المدني” أصلاً والذي لم ينهِ دراسته للحقوق بعد؛ كان يفرض نظاماً عسكرياً تراتبياً صارماً داخل الفرع، فعلى الجميع بمن فيهم الضباط؛ مناداته بـ “سيدي”، كما أنه تحدث في أكثر من مناسبة عن نيته “حل الكتيبة الأمنية” وعن خطر الإسلاميين الذين سيسببون كارثة للمنطقة ويستجلبون التدخل الخارجي، وأبدى في أكثر من مناسبة انزعاجه من لحاهم الطويلة. ويعترف النقيب الرحال بتقصير الأمنية في معالجة المشكلة منذ البداية ويستدرك قائلاً: ولكننا تدخلنا عندما شعرنا بخطورة الوضع وعندما بدا واضحاً أنه شُكّل لغايات خفية ولحماية أشخاص معينين بدوافع شخصية.
أما الأزمة التي سببت انفجار الوضع وانتهاءه بمهاجمة الفرع فكانت قيام اثنين من عناصر الكتيبة الأمنية باختطاف جد رئيس الفرع (ب.أ) أحد أكبر موردي الغاز المنزلي في المنطقة، بصفتهما الشخصية وبشكل غير قانوني من منزله بدافع الابتزاز، ومن على سجادة الصلاة على حد تعبير حفيده أحمد.ف، فتدخل الفرع في القضية ووقع إطلاق نار ومشادات كلامية بين الأمنية من جهة وعائلة المختطف والفرع من جهة ثانية وانتهى الأمر بعودة المختطف إلى منزله، وفي تناقض واضح يعود أحمد ليقول: لم نكن هناك بسبب مشكلة جدي بل كنا نقوم بإلقاء القبض على مخبرين من خارج البلدة كانا يقومان بأخذ إحداثيات بعض الأهداف لتسريبها إلى الجيش وقد تمّ القبض عليهما بالفعل وتسليمهما إلى الامنية التي أنكرت بدورها معرفتها بالأمر!
وأثناء الاجتماع الذي عقده قادة التشكيلات العسكرية في البلدة مساء 19/4 تمّ أخذ قرار جماعي بمهاجمة الفرع في صباح اليوم التالي بقوّات مشكلة من كافة القوى في البلدة وتحت قيادة الأمنية، وتمت المهاجمة بالفعل ولكن كان المقر خالياً من كل شيء إذ أمر أحمد عناصره بإخلاء المقر ليلاً بعد تسريب خطة الهجوم له من قبل أحد الأصدقاء، رغبة منه في “عدم إشعال فتنة وإراقة الدماء”، وللغرض نفسه يذكر أحمد أنه أمر بإرجاع قوة عسكرية كانت متجهة إلى البلدة من شرقي المعرة بهدف التصدي للمهاجمين!
أحمد الآن متوارٍ عن الأنظار وقد أكد في نهاية حديثه معنا أن جميع ماتمت مصاردته من مقر الفرع تعود ملكيته إلى المدرسة التي تم إنشاء الفرع فيها، والتي يبدو أنها الخاسر الوحيد في كل هذه المغامرة!
التعليقات متوقفه