المقاومة والممانعة : المذهب الخامس في “الإسلام البعثي”! – أحمد كالو
المقاومة والممانعة : المذهب الخامس في “الإسلام البعثي”!
أحمد كالو – خاص الغربال
تقول طرفة سورية أنّ طائرة تعرضت لعطل فطلب قائد الطائرة من كل قوم أن يضحوا براكب منهم، حتى تنجو، فتقدم الروسي وقال: من أجل أن يعيش بقية الركاب الروس في الطائرة ويصلوا سالمين أضحي بنفسي في سبيلهم ورمى بنفسه. وتقدم فرنسي وقال من أجل الركاب الفرنسيين من الأطفال والأمهات والعجائز أضحي بنفسي. ثم قذف بنفسه من غير مظلة طبعاً. ولما جاء دور السوري المقاوم والممانع قال: من أجل المقاومة والممانعة، وفي سبيل دولة البعث والتقدم والاشتراكية وسيادة الرئيس أضحي ثم رمى بأقرب راكب سوري – وتذهب أقوال إلى أنه لبناني- إليه!!
المتبعثون كانوا يدركون أهمية الجهاد، ليس استجابة لمدلول الحديث الشريف “ذروة سنام الإسلام الجهاد”، بل لأن كل دولة ليس لها قوام وبنيان ديمقراطي واضح تحتاج إلى عدو حتى تعيش عليه كالطفيلي، ولأن الجهاد مفهوم إسلامي فقد علمنته فأصبح اسمه الفني المقاومة والممانعة. أما حرب تشرين التي يتم التباهي بنصرها فهي ثمرة إستراتيجيه، والثمرات الإستراتيجية لا يجري قطفها إلا بعد ثلاثين سنة على الأقل، وقد قطفها الجيش السوري، ثم زجّ بفرسانه وضباطه الميامين في السجون لأنهم رجعيون وخونة ويتصلون بالله عز وجل بالدعاء وتلك خيانة ما بعدها خيانة.
يمكن أن نقول ونحن بكامل قوانا العقلية أن التعبئة السورية استمرت، ليس كما فعل أنور خوجة في ألبانيا عندما ملأها بالخنادق والثكنات خوفاً من العدو؟ فسورية المقاومة تعمر عمارات وأبنية بلا أقبية!!
أصبحت سوريا عشوائية العمران بعد الانتصار (40% من السكان) وهو الأمر الوحيد الذي يزهّد في العيش من غير أن يرّغب في الآخرة. استمر لعن “أداة الصهيونية العميلة” في المدارس صلاة صباحية بدل صلاة الفجر، وأصبح خيارنا مع “المؤدي” هو السلام الإستراتيجي! ولم تتوقف الاحتفالات والمهرجانات كسلاح تعبوي في دولة المقاومة، وتطورت الدراما لتسلية الشعب المنتصر على الأداة العميلة: فمن فانتازيا تاريخية لأن التاريخ الحقيقي مخيف، وكوميديا؛ ضيعة ضايعة (فانتازيا مكانية) ويوميات مدير عام ( فانتازيا أدارية) الذي ينتهي بكلمة: عوجة، أي لوز و..جوز. وبات سيد الشهداء هو شاب متهور مات في حادث سير، وأشهر مقاتل هو “الهوى سلطان” وأشهر ممرضة للجرحى هي بطلة مسلسل صبايا التي انتخبت ملكة للإثارة إلى جانب الثنائي “هيفا وهبي”!
طبعاً لم يحدث أن قام الشعب السوري بمظاهرة “عفوية” تضامنية مع الشعب الفلسطيني– خوفاً من المندسين- وتمّ قصر المظاهرات العفوية على فنانين يضعون الأعلام الفلسطينية المصممة كشالات (وربما لاحقاً كثياب داخلية ومناديل) مدة نصف ساعة أمام عين الكاميرا التي تبلى بالعمى. والمظاهرات تجري في الليل من أجل النضال بنيران الشمعة ضد نيران الفوسفور الأبيض والهمفي والعوزي.!!
وبما أننا بدأنا بتعريف ذروة سنام الإسلام، وقد ورد التعريف في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل “ألا أخبرُكَ بملاكِ ذلِكَ كلِّهِ؟ قلتُ: بلَى، فأخذَ بلسانِهِ، فقالَ: تَكُفُّ عليكَ هذا قلتُ: يا نبيَّ اللَّهِ وإنَّا لَمؤاخذونَ بما نتَكَلَّمُ بِهِ؟ قالَ: ثَكِلتكَ أمُّكَ يا معاذُ وَهَل يُكِبُّ النَّاسَ على وجوهِهِم في النَّارِ، إلَّا حصائدُ ألسنتِهِم”.
جماع الأمر كله” في دولة المتبعثين القرامطة هو اللسان أيضاً لكن مقلوباً: نافق، اهتف، صفق،.. اكذب على نفسك ومديرك ورئيسك الدمقراطي، وعلى صاحبتك وبنيك وفصيلتك التي تؤويك.. اكتب التقارير ودسّ على أهلك وزملائك تصبح أحسن مقاوم ومناضل سوري! واليد العليا هي التي تصفق وتسرق في دولة البعث.
التعليقات متوقفه