الصحافة البديلة في منبج: مشكلات – ضغوطات – استمرارية – جاسم السيد – منبج
الصحافة البديلة في منبج
مشكلات – ضغوطات – استمرارية
جاسم السيد – منبج
عرف السوريون على مدار أربعة عقود نوعاً واحداً من الصحافة الرسمية التي كان هدفها الأساسي نشر فكر واحد هو فكر حزب البعث وقائده الأوحد.
واليوم وبعد انطلاق الثورة؛ ظهرت على الساحة العديد من الصحف والمجلات في شتى المجالات. البعض يقول إن وجود هذا الكم الكبير من الصحف هو ردة فعل ولن تستمر طويلاً, وهذا الكلام فيه من الصواب الشيء الكثير، فقد صدرت أكثر من دورية وتوقفت بعد فترة قصيرة وبعضها استمر في الصدور رغم الكم الكبير من المشكلات والمصاعب التي واجهت عملها.
لدراسة هذه الظاهرة قمنا بزيارة بعض الصحف التي تصدر في مدينة منبج “المحررة” للإطلاع أكثر على عملها والصعوبات والضغوط التي تعترضها والهدف من إنشائها.
محمد جاسم العاصي رئيس مجلس الإدارة في صحيفة “المسار الحر” قال: إن الهدف من إصدار الصحيفة هو ردم الهوة بين المواطن وصناع القرار في المدينة, وغايتها أن تعكس نبض الشارع وتوصل شكوى المواطن إلى أصحاب القرار. وأضاف: في البداية كان هناك صعوبة في تقبّل فكرة الصحيفة؛ لأن الناس مغروس في أذهانهم فكرة الصحافة المؤدلجة التي تنطق باسم الحاكم والحزب, تدريجياً تعوّد الناس على الصحيفة بعد أن لامسوا المصداقية والموضوعية في الطرح. وعن تعرضهم لضغوط قال العاصي: تعرضت الصحيفة لعدة ضغوطات من الكتائب العسكرية وبعض الشخصيات النافذة، والآن هناك أربع قضايا رفعت بحق الصحيفة وآخرها مشكلة اعتقال الزميل شعبان الحسن في الهيئة الشرعية في مدينة حلب. وأضاف: أخيراً، اتفقنا مع شركة راعية للصحيفة بشروط الصحيفة وأهمها ضمان الاستقلالية التامة. أما بالنسبة للكادر العامل في الصحيفة وعن استمراريتها في المستقبل فقد قال العاصي: جميع العاملين في الصحيفة هم من الأشخاص غير المختصين في العمل الصحفي، لكنهم عملوا على إثراء معرفتهم الصحفية من خلال التجربة الحية، ونحن لسنا صحيفة مرتبطة بفترة معينة فالصحيفة تأسست لتدوم.
وكان لنا أيضاً لقاء مع نائب رئيس تحرير صحيفة “شمس الحرية” وطن الدروبي، التي تعتبر أول صحيفة ثورية في محافظة حلب فقال: إن الهدف من انشاء الصحيفة هو تحفيز القرّاء والمهتمين على الكتابة والإبداع وإظهار مدينة منبج كمدينة حرّة ومتطورة ونقل فكر الثورة وهموم ومآسي الشعب السوري للعالم كله. والمشاكل التي تعترض الصحيفة هي مالية بالدرجة الأولى وعدم وجود إمكانيات الطباعة الحديثة وانقطاع الاتصالات والكهرباء وصعوبة التواصل مع باقي المدن المحررة.
وفي لقاء آخر مع مدير العلاقات العامة في صحيفة “البيان” أسامة الجاسم قال: إن أهم أسباب إصدار صحيفة البيان هو نشر الثقافة بشكل عام والثقافة الإسلامية السمحة بشكل خاص، والارتقاء بالعمل الصحفي وإفساح المجال أمام المبدعين من أبناء المدينة للتعبير عن أفكارهم ومشاريعهم وعودة الثقة للمواطن في الصحافة المحلية بعد عقود من الجهل والتخلف السياسي. والمشاكل التي تواجهنا هي نفسها تقريباً التي تواجه معظم الصحف في المدينة وأبرزها كون فريق العمل متطوع؛ وهذا له أثر سلبي على المدى البعيد, وعدم تفرّغ فريق العمل لارتباط الكثير منهم في أعمال أخرى. وعن الضغوطات على الصحيفة قال السيد أسامة الجاسم: منذ اللحظة الأولى التي فكرنا فيها بإنشاء الصحيفة كنا نعلم أننا سنتعرض لضغوط، وهذا الأمر طبيعي كون الناس غير معتادة على هذا النوع من الصحف, وبعد كل عدد نواجه مشكلات بسبب نقدنا لكل مظاهر الفساد في المدينة, أحياناً نهدد بالاعتقال وأحياناً ترفع الدعاوى ضدنا ولكن كل هذا لم يثننا عن مواصلة عملنا إلى أن قامت إحدى الجهات العسكرية بضربي واعتقالي تعسفياً مما اضطرنا إلى إيقاف إصدار الصحيفة حتى يتم وضع حدٍ لهذه التجاوزات والتي سببها المباشر عدم وجود قانون نحتكم إليه في ظل هذا الواقع الذي فرضه النظام علينا.
في الختام: تعتبر الدول المتقدمة الصحافة سلطة رابعة، أما في الدول المتخلّفة فهي أداة بيد الحاكم تطبّل وتزمر له صبح مساء, فهل نحن قادرون في سورية المستقبل على إنشاء صحافة حرة ومستقلة؟
التعليقات متوقفه