مذكرات ثورية – حسن قطيش
مذكرات ثورية
حسن قطيش
كانت الحياة تسير بشكل طبيعي، غابت شمس المساء ليبدأ الليل إرخاء سدوله ونشر أطرافه على المكان
، عندها بدأ مصاصو الدماء بنيران مدفعيتهم وصواريخهم، كنا قد خرجنا من المسجد ووصلنا إلى ساحة القرية، وعينك تشوف ما حصل!
ركضت وألقيت بنفسي في قعر بئر خالٍ من الماء، وأمام ازدياد الضربات وتوتر الأعصاب خفت أن تنزل القذائف في فم البئر، متمنّياً لو لم يكن له فم، كالقول المأثور “جب مكلّس مالو تم”، ناسياً أنه لو لم يكن له فم؛ ما كنت استطعت الاختباء فيه!
رجل آخر، لم يوفّق بإيجاد بئر، نزل من سيارته ليلقي بنفسه إلى جانب الطريق، تفاجأ بكلب أتى مسرعاً ليلقي بنفسه إلى جانبه مستأنساً به، ظانّاً الخلاص على يديه.
ارتاح قلب الرجل الذي توسم الخير في هذا الكلب، إذ يُقال إن الحيوانات تشعر بالخطر قبل حصوله، ولكن ما حدث أن الكلب كان قد فقد كل شعور إلا الشعور بالخوف، ناهيك عن أن الرجل لم يكن مصدر الأمان والعقل كما ظن الكلب!
كانت القذائف تخفّ وتشتدّ، فإذا خفّت حاول الرجل النهوض فينهض الكلب، تأتي القذائف مسرعة فيعود الرجل إلى الانبطاح فينبطح الكلب، كان الكلب يقلّد كل حركاته، يقوم فيقوم وينبطح فينبطح، وما إن هدأ القصف؛ حتى نهض الرجل وركض مسرعاً إلى بيت قريب، ليجد الكلب قد وصل أمامه إلى البيت، في هذه اللحظات تجدد القصف، فهرعت زوجة صاحب الدار إلى المطبخ ولحق بها الكلب، وبعد قليل دخل الجميع إلى المطبخ ليجدوا الكلب مرعوباً في زاوية، والمرأة في زاوية، وقد شلّها الخوف من الكلب ومن قصف الكلاب!
التعليقات متوقفه