فيلم “قصة حب سورية” .. حكاية أمل وألم – عبد الرحيم خليفة
احتفت الأوساط الفنية السيمائية والحقوقية، في العاصمة الرومانية – بوخارست، بالمخرج البريطاني العالمي شون ما كليستر، في نهاية أسبوع السينما، 21- 27 من الشهر الحالي، الذي كان فيلمه ” قصة حب سورية” مسك ختام المهرجان، الذي نظمته One World – Romania المعنية بحقوق الإنسان.
مخرج الأفلام الوثائقية المعروف، حضر خصيصا للحديث عن الفيلم، وتجربته السينمائية عامة، وعن مناطق الحروب التي زارها، سورية – اليمن – العراق – فلسطين، في لقاء مفتوح مع الجمهور والإعلام.
الفيلم عرض كواحد من ثلاثة أفلام تتحدث عن سورية والحرب واللجوء، الأول فلم” مسكون” للمخرجة لواء يازجي، الذي تحدثنا عنه في مادة سابقة، والثاني” تسعة أيام من نافذتي”، والثالث: “قصة حب سورية”، الذي نحن بصدد الحديث عنه، وقد لقي صدى واسعا لدى المهتمين الذين غصت بهم صالة العرض، واضطر عدد كبير منهم للجلوس أرضا، أو الوقوف، لمدة أكثر من ساعة، بتأثر ودهشة باديتين، وواضحتين، وكلهم من فئة عمرية شابة، إناث وذكور، وتساءل بعضهم بعد نهاية الفلم عما اذا كان هذا فعلاً، وحقا، ما يحدث في سوريا؟!
الفيلم الذي حصد جوائز عالمية، إحداها من مهرجان دبي السينمائي، كما سبق وأن عرض في البرلمان البريطاني، والبرلمان اللأوربي، قال لنا مخرجه في حديث خاص، إنه يحاول عرضه في الأمم المتحدة، ليكون محط اهتمام ونقاش، وينقلهم لموقع الحدث، منتظرا هتماما عالميا بدأه بخطوة صغيرة.
باتت قصة الفيلم معروفة، في كثير من الأوساط المهتمة، واستمر العمل فيه على مدى خمس سنوات، بدأت قبل الثورة في عام 2010، عندما كانت “رغدة ” معتقلة سياسية بسبب نشاطها السياسي المعارض، وينتهي ب2015، مع أسرة لاجئة في باريس (أب وطفلان) والأم على بعد كيلو مترات من وطنها، تتابع نشاطها المعارض واهتمامها بقصة عشقها الأكبر، وطنها سوريا، مع نهاية قصة حب لم تدم وأثمرت ولدين، وهنا قال المخرج شون ماكليستر في حوارنا معه، إن فلمه لا يرصد الثورة أو يوثقها، بقدر ما هو قصة من قلب سوريا، ولعائلة واحدة عاشت في ظروف مختلفة بين الحب والحرب، ونافيا أن يكون مقاربة لحياة عموم السوريين.
كلف الفيلم مخرجه الاعتقال لمدة أسبوع، عبر لنا عن حبه لسوريا، واستعداده للمغامرة في خوض غمار التجربة مرة أخرى، لولا أن الاعتقال سيطاله فيما لو عاد الآن، مؤكدا على رغبته بذلك بعد سقوط نظام الأسد.
قصة حب سورية فيلم فيه شيء من عذابات آلاف الأسر السورية، بسبب قناعاتهم ونضالهم ضد الاستبداد من آجل قيم الحرية والعدالة، وتمسك هؤلاء بانسانيتهم رغم كل الظروف القاهرة، التي تحرمهم الحياة والحب، فالحكاية تبدأ حين كان الزوجين – العاشق والمعشوقة، عامر ورغدة، معتقلين في أقبية فرع فلسطين، وتعارفا هناك، وتبادلا الحديث من فتحة في الجدار الفاصل بين الزنزانتين المتلاصقتين، ليتزوجا بعد الإفراج عنهما.
في الفيلم مشاعر إنسانية جياشة، وعميقة جدا، استطاع المخرج توثيقها ببراعة، عكست اهتمامه بتفاصيل مدهشة، ما كان لها أن تظهر لولا تحوله لصديق للأسرة، استعان به الطرفان، فيما بعد، في حل خلافاتهما، وأزماتهما، واضطرته لإخفاء أشياء عن الجمهور، كما قال لي، حرصا على أسرار الأسرة.
نهاية قصة الحب السورية، تكشف جانبا من نتائج “الحرب” والدمار الذي أحدثه الطغيان، ليس على العمران وحده، بل على الناس والمجتمع، بنزقهم، وتوترهم، وفقدانهم الآمان، وتفكك الروابط الاجتماعية، وزعزة استقرار أغلى القيم الإنسانية والوجدانية.
في الفيلم مشاهد من الحرب والدمار في مخيم اليرموك، وأغنية الثورة لسميح شقير “يا حيف”، وطفل مدلل ذي شعر طويل يجعل البعض يظنه أنثى، يكلم والدته المعتقلة، عبر الهاتف المحمول، والمظاهرات الاولى التي اشترك فيها عامر – الزوج مع ابنه، واعتقلا أثناءها، وجانب من حياة السوريين قبل الثورة التي تمتلىء بصور بشار الآسد، على السيارات وفي واجهات المحلات، وداخل الكتب المدرسية عاكسة جانبا من حياة ملايين البشر ليس في حياتهم إلا طاغية مستبد
جدير بالذكر أن المخرج حصل من محطة بي بي سي على تمويل فلم مختلف لكنه هرب بالمنحة لعمل فلم آخر ، وذهب الى سوريا سرا وعاد منها بهذا الفلم الذي لاقى قدرا كبيرا من الحفاوة يستحقها حتما ، وهو يليق أيضا بسوريا وأهلها .
التعليقات متوقفه