مترجم: بالرغم من إعلان “الانسحاب”، الروس يواصلون القتال ويموتون في سوريا
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الشهر انسحاب “الجزء الرئيسي” من القوات العسكرية الروسية الموجودة في سوريا، كما أكد مقتل خمسة جنود خلال الحملة العسكرية الروسية التي بدأت يوم 30 أيلول. وبينما يقول “الكرملين” أن “المهمة أُنجزت”، تستمر العمليات العسكرية في سوريا، وإن كانت بوتيرة أخف، ويستمر عدد القتلى الروس في الارتفاع.
في 17 آذار، بعد ثلاثة أيام من إعلان بوتين الانسحاب، صرح تنظيم داعش أنه قتل خمسة جنود روس على مدى يومين بالقرب من تدمر في شرق حمص. حيث نشر التنظيم فيديو يبين جثة رجل واحد ومعداته، وأيضاً نشر صورة لجثة أخرى.
تتضمن المعدات التي تظهر في الفيديو كلاشنيكوف AK-74M مع معدات تكتيكية أخرى ونظام تصوير حراري. وحسب أخصائيين في التسليح، تشير قطعة معينة واحدة من الأجهزة إلى رجل واحد من فريق القوات الخاصة الروسية.
هذه القطعة هي ذخيرة MIB متعددة الوظائف –وهو سلاح معتمد في الجيش الروسي في عام 2007 – تستخدمه قوات العمليات الخاصة الروسةي. ويمكن أن يُستخدم كقنبلة يدوية أو لغم أرضي. وجهاز الكشف عن المعادن والعديد من أجهزة “سيلوكس” تظهر في الصورة أعلاه تكون أدوات مفيدة للمقاتل في المهمات الاستطلاعية في المنطقة التي تنتشر فيها العبوات الناسفة والألغام.
في حين تشير وكالة الأنباء أعماق – وكالة شبه رسمية لداعش – إلى رجل ميت في الفيديو برتبة “مستشار”، وتصرح بأن أربعة جنود روس قتلوا في حادث منفصل في نفس المنطقة. نشرت أعماق صورة لرجل ميت وصور من المحتمل أنها من هاتف محمول لواحد من الروس القتلى.
من الواضح أن القتيل هو واحد من الرجال الذين يظهرون في الصور المأخوذة من الهاتف المحمول. ولكن على الرغم أن الظاهرين في الصور مسلحون بمعدات روسية الصنع ويحملون شارات تقليدية للاستخبارات العسكرية الروسية، فإنه لا يمكن الجزم بهويتهم. حيث تم سحب شارة الخفافيش المميزة للقوات الخاصة الروسية رسمياً في عام 2002، في حين لا تزال تُستخدم بانتظام من قبل هذه القوات، الأمر الذي ظهر على نطاق واسع من قبل مقاتلين خارج مديرية الاستخبارات العسكرية. حيث يظهر الرجل القتيل مرتدياً “قميص تي شيرت مقلم” تابع للقوات الجوية الروسية، ولكن مرة أخرى يمكن شراء هذا المنتج (القميص) من أي مكان.
هل يمكن أن يكون الرجال الذين يظهرون في الصور مرتزقة بدلاً من أن يكونوا من القوات الخاصة الروسية؟ لا سيما أن هذه القوات قد حاربت بالفعل إلى جانب نظام الأسد.
أطلع الدكتور إيغور سوتياجين، وهو باحث كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) صحيفة “إنتيربرتير” أنه سيكون من المستحيل التمييز بين المقاتلين المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص الروسي عن وحدات الشارة الخاصة الأخرى. هذا لأنه على عكس الشركات العسكرية الغربية، يتم تنظيم هذه الشركات الروسية “للمشاركة في العمليات القتالية” بدلاً من تقديم المساعدة الأمنية.
ليس من المفاجئ أن يُقتل اثنين على الأقل من المقاتلين الروس في منطقة تدمر في الأيام الأخيرة. حيث بنت روسيا وجود عسكري في هذه المنطقة الآن، وعلى الرغم من “الانسحاب” تعمل روسيا الآن مع النظام السوري في حيز هجومي “ثاني” رئيسي ضد داعش، حيث كان الحيز الأول هو توجيه الضربات الجوية لدعم قوات النظام السوري لفك الحصار عن قاعدة كويرس الجوية شرقي حلب. مرة أخرى في شهر شباط، صورت قناة CNN القوات الروسية بناقلات الجنود المدرعة BTR-82A، ودبابات T-90، ومدافع الهاوتزر 152، والجرارات المدفعية كاماز على خط الجبهة بالقرب من تدمر.
يوم 9 آذار، نشر الصحفي السوري كامل صقر تحركات كبيرة للقوات الروسية نحو تدمر، بما في ذلك المدرعات والمدفعية في هذا الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=lGkrkhXA8GU
قبل يومين من تصريح داعش، حمل المصور الروسي ألكسندر بوشين المتخصص في تصوير الفيديو بدون طيار من ساحات القتال في سوريا، فيديو لهجوم مزعوم لداعش بالقرب من تدمر.
يوم 22 آذار، تنسيقية الثورة في تدمر، المكونة من نشطاء معارضين لنظام الأسد وداعش، أصدرت بياناً أعلنت فيه أن الغارات الجوية الروسية قد دمرت كل المناطق السكنية القريبة من المدينة القديمة الأثرية. ووفقاً للتنسيقية، دمرت الطائرات الروسية مسجداً.
وتستمر روسيا في استخدام الذخائر العنقودية، وأيضاً تم استخدام صواريخ سكود على الأرجح من قبل قوات النظام السوري.
تثبت تقارير من مصادر موالية للنظام على الطابع العشوائي للقصف الروسي، حيث أن 17 جندياً للنظام قتلوا بصاروخ روسي يوم الاثنين في حادث وصف بأنه “نيران صديقة”.
تقول وسائل الإعلام الرسمية الروسية نقلاً عن مصادر عسكرية سورية أن النظام قد استعاد السيطرة على المنطقة القديمة من المدينة، في حين يدعي المرصد السوري لحقوق الإنسان المناهض للأسد أن قوات النظام تبعد كيلومترين عن الموقع.
إعادة السيطرة على مدينة تدمر الأثرية ستكون مادة دعائية ضخمة لكل من نظام الأسد والكرملين. فتدمير داعش للتحف التاريخية في تدمر هو أحد الرموز الأكثر لفتاً لبربرية التنظيم (ربما أكثر من وحشية التنظيم مع الأسرى). فلو حدث انتصار من نوع ما، عندها يمكن لبوتين أن يحصل على لقب “المدافع عن التاريخ”.
ولكن هناك عوامل استراتيجية أكبر تجعل من السيطرة على تدمر أمر حيوي جداً بالنسبة للنظام: تقع البلدة على امتداد الصحراء، على الطريق بين دمشق ودير الزور، إلى الجنوب الغربي، وصولاً إلى العراق شرقاً. من هذا الطريق بالذات تقدم داعش لأول مرة في سوريا من العراق في عام 2014. فمن خلال قلة التجمعات السكانية والمناطق المفتوحة، يمكن لداعش نقل القوات إلى مسافة 200 كيلومتر من العاصمة دون مراقبة. ولذلك فإن النظام يرى استعادة السيطرة على تدمر بمثابة مفتاح لضمان أمن دمشق وحمص. وبالإضافة إلى ذلك، يحيط بتدمر بعض حقول الغاز الأكثر إنتاجاً في سوريا، وتعد تدمر مركز بالنسبة لغالبية إنتاج الغاز في سوريا.
لذلك تعد هذه المخاوف الأمنية والاقتصادية التي تدفع النظام للهجوم على تدمر، أكثر مما هو تجديد الالتزام بمحاربة داعش. فبينما تكثف الطائرات والمروحيات الروسية الهجمات على داعش في تدمر، فإنها لا تزال تتجاهل الجماعة الإرهابية في الجنوب حيث تقدم تنظيم داعش مؤخراً على مقاتلي المعارضة السورية في محافظة درعا.
*ترجمة محمود العبي عن صحيفة “إنتيربرتير”، لمطالعة المادة الأصلية أضغط هنا
فيما يلي صور الجنود الورس في سوريا التي نشرتها وكالة أعماق مع صورة الجندي الروسي القتيل:
التعليقات متوقفه