غزل قليل الأهمية – خطيب بدلة
غَزَل قليل الأهمية
خطيب بدلة
استطاعت السيدة ريم، وهي، من دون أدنى شك، ومن دون ما أعرفها، إنسانة جميلة، بدليل شفافيتها، وكياستها، ولباقتها، ومقدرتها العالية على إيصال فكرتها، وشرح قضيتها، أن تجعلني أتوقف عن ممارسة أعمالي الكتابية كلها، وأنهض، وأقوم، وأبادر، وأهب، وأسارع إلى كتابة مقالة (خَصّ نَصّ) لمجلة “ياسمين سوريا” التي تصدرُها مجموعة من نساء سوريا اللواتي لا يملك مَن كانت لديه ذرة من عقل، أو ذوق، أو وجدان، أو نخوة، أو ضمير، أو ناموس إلا أن يقف أمامهن باستعداد، مثل اللام ألف، ويُخَشِّب!
طلبت مني ريم أن أكتب للمجلة، وأنا، والله، وبالله، وحياة من خلقكنَّ جميلات ليقهرنا، ومن دون غش، أو ادعاء، أو كذب، أو (زعبرة) أو (ألبنضة)، رجل مشغول، ومفلس..
قد تتساءلن، سيداتي، آنساتي، عن علاقة الشغل بالإفلاس!.. فأجيبكن: نعم، إنها لعلاقة وطيدة، فلو كنت، أنا محسوبكنَّ، ثرياً مثل أولئك الذين لم يتعاونوا مع نظام حافظ الأسد (وابنه) على البر والتقوى، بل تعاونوا معه على نهب أموال الشعب السوري! أو مثل (بعض) الجنرالات الجدد الذين نسوا، والأرجح تناسوا أنهم خرجوا لمحاربة النظام الفاسد، وتذكروا أن عليهم أن يفوقوه، ويتغلبوا عليه، ويبزوه، ويثبتوا له أنهم أحسن منه حتى في مجال النهب!.. فصاروا مليارديرية أكثر من مليارديرية بيت الأسد… المهم يا سيداتي، وبلا طول سيرة، أنا لو كنت ثرياً لكنت استكريتُ رجلاً يحك لي رأسي، لأنني، وحياة هذه النعمـة (أنتنَّ النعمـة طبعاً) لا أمتلك وقتاً أحك فيه رأسي!
لا أريد أن (أقلبها غَمّ) مثلما يفعل بعضُ زملائنا الكتاب الذين يكتبون في أمر محدد، ويكون الواحد منهم مسترسلاً في كتابته مثل الصلاة على النبي، وفجأة يتلبس عليه الأمر فيظن نفسه يخطب في ذكرى الحركة التصحيحية التي ابتلانا بها محروقُ النَّفَس حافظ الأسد، ويبدأ بالحديث عن المرأة نصف المجتمع، وأم الرجل، وأخت الرجل، و(مرتو للرجل)، وجاريته، و(خدامته للرجل) ، و(العجية) الخاصة بالرجل، وضرورة أن تحصل المرأةُ على حقوقها، وحرياتها، ووجودها، ورأيها، بينما هو، في الواقع، عامل منطقة (حظر جوي) على كل امرأة تلوذ به، وحابسها- كما يغني مارسيل خليفة- في قنينه!
أريد أن أقول، من دون أكل هوا (يعني: خطابات)، إن المرأة السورية تعرف كم هو كبير مقدار الاستغلال، والغبن، والظلم، والاستخفاف، والتهميش، والسيطرة، والاستيلاء على الحقوق.. التي تُمَارَسُ عليها ليس من الرجل، وإنما من المجتمع كله..
ومع ذلك المرأة السورية لا تيأس..
ومع ذلك لم تنشر السيدة ريم مقالتي في (ياسمين سوريا)..
وهذا موقف يسجل لها.. فقد خجلت من المديح الذي قدمته لها، في مطلع هذه المقالة، وخشيت أن تنتقدها زميلاتها لأنني أغازلها، وهن لا يعرف، بل ربما يعرفن،.. أن غَزَل الرجل الذي في عمري أنا ما عاد يقدم أو يؤخر، وهو ليس أكثر أهمية من ركعتين من دون وضوء!
ملاحظة: كان المقرر أن تنشر هذه المقالة في مجلة “ياسمين سوريا”.
التعليقات متوقفه